للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتتمة الكلام فيه أن مهر المثل لا يثبت ما لم تحلف أنها لم ترض بأقل من مهر المثل، ويكفيها أن يغلِّب جانبَها ويحلّفَها، فإنا إذا كنا لا نبعد جريان التسمية، فلا سبيل إلى إثبات مهر المثل بمجرد الاعتراف بالنكاح.

ووراء ما ذكرناه غائلة صعبة سنذكرها بعد نجاز المسائل المترتبة على هذا النسق.

فلو حكمنا مثلاً بمهر المثل، فقال الزوج: ما أصبتها، وطلّقها، فلها نصف مهر المثل، فإن قيل: هلا حملتم الأمر على التفويض، حتى لا يجب لها شيء؟ قلنا: التفويض أمر نادر، فلا يحمل الصداق عليه، وقد بيّنّا أن التفويض لا يثبت ما لم تصرح المرأة بالإسقاط والرضا وبنفي المهر.

٨٤٩٨ - ولو ادعت امرأة على وارث الميت أن أباه نكحها، وأقامت بينة على النكاح، قال: يثبت لها مهر المثل إن ادعته، وحلفت بأنها لم ترض بمسمّىً دون مهر المثل، وإن لم تكن لها بينة على النكاح، وكان الوارث صغيراً، فنقف الخصومةَ إلى أن يبلغ، فإن بلغ وأقر بالنكاح، عاد الأمر إلى ما ذكرناه في المسألة الأولى. وإن ادعى الوارث قدراً من الصداق دون مهر المثل، فإن أقام بينة على ذلك المقدار، لم يكن لها أكثرُ منه، هذا ما ذكره.

٨٤٩٩ - وقد حان أن ننبّه على الإشكال الذي أشرنا إليه فنقول: إذا ادعت امرأة زوجية على رجل، فاعترف بها، وسكت عن ذكر مقدار المهر، أو قال: لست أدري كم أصدقتها، وزعمت المرأة أنه أصدقها ألفَ درهم، وهو مقدار مهر مثلها؛ فالذي قطع به الأصحاب أولاً: أنها إذا ذكرت مقدار مهر مثلها، وادعت أنه المسمى، وادعى الزوج مسمى دون ذلك، فإنهما يتحالفان، كما قدمناه في صدر الباب.

وقال أبو حنيفة: القول قولها في مهر المثل، فإن ادعت زيادة على مهر المثل، فالقول قول الزوج في نفيها، ولو ادعت المرأة زوجية [ومسمًّى] (١) مساوياً لمهر مثلها، وأنكر الزوج التسمية أصلاً، وذكر أن النكاح جرى عرياً عن المهر؛ فهو


(١) في الأصل: أو مسمَّى. وقد جاءت (صفوة المذهب) بما أثبتناه.