للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسد به أعواضُ العقودِ؛ من جهةِ أنَّ العِوضَ إذا لم يتجرّد، وانضمَّ إليه شرطٌ، صار عوضاً وشيئاً مجهولاً، ومساق ذلك يتضمن إفساد الصداق. ثم الفساد من جهةِ الجهالة يوجبُ الرجوعَ إلى مهر المثل، كما مهدناه.

٨٥٠٤ - وقال محمد بنُ الحسن: إن زاد المسمى على مهر المثل [وزادها] (١) بالشرط، لغا الشرطُ، وصحت التسمية، وإن نقص عن مهر المثل، وكان الشرطُ ينقُصُها؛ فيلغو الشرطُ وتصحُ التسمية أيضاًً. وإن زاد في المهر ونقص في الشرط، أو زاد في الشرط ونقص في المهر، فسدت التسمية؛ لأنه زاد في المهر زيادة هي في مقابلة الشرط، فجَعَل الباقي مجهولاً، وإذا نقص المهرُ وزاد في الشرط، جعل الشرط في مقابلة ما نقص من المهر، فصار المهرُ مجهولاً.

وهذا الذي ذكره غيرُ بعيد عن مسلك الفقه، وكنا نَوَدُّ لو كان مذهباً لبعض الأصحاب، حتى كنا نقول: الشرط الزائد مع المهر الزائد أو المنطبق على قدر مهر المثل ليس يعكس جهالةً على المهر، ولكن المعتمد عند الأصحاب أن المشروطَ فاسدٌ مضمومٌ إلى الصداق، والعوض يفسد تارةً بما ينعكس عليه من الجهالة، وتارةً باقترانه بفاسد.

وهذا يتطرق إليه كلام- هو منتهى النظر في المسألة، وهو: أنَّ ما ذكره محمد من أنَّ المهر الزائد أو المنطبق على القدر، لا يصير مجهولاً بالشرط الزائد، فلو كان صحيحاً، لكان يجبُ أن يُقال: إنْ زاد المهرُ ونقصَ الشرط، فالرجوع إلى مهر المثل، وكذلك إن نقص المهرُ وزاد الشرط، أو زادا ونقصا، فسد المهرُ بالاقتران، ولكن لا يقطع القول بأن الرجوع إلى مهر المثل. ويجوز أن يقال: [لو] (٢) أثبت العوض دراهم وشرطاً، وذلك الشرطُ مجهولُ الأثر، وهما جميعاً مهر، فكان الرجوعُ إلى مهر المثل لذلك.

فهذا منتهى البحث، وقد ناقض محمد ما قاله في الصداقِ في البيع، فقال: لو باع ما يساوي ألفاًً بألفين وزقِّ خمر، وقبض المبيع، وتلف في يده؛ فإنه يغرم القيمة، وليس للبائعِ أن يقول: اطرحْ الزقَّ من ألفين ليصح العقدُ بالألفين.


(١) في الأصل: وزاها.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.