للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يَملك. وهو مذهب أبي حنيفة (١). ووجهه في القياس لائح؛ فإن الصداقَ مالٌ من أموالها، فلم يملك الأبُ إسقاطَه كسائرِ أموالِها.

والقول القديم: إنه يملك الإسقاط؛ لأنه أكسبها هذا المال في مقابلة البضع، ثم رجع البضعُ إليها، وهو على كمالٍ من الشفقة، ولا يُنكَر في جهات الاستصواب إسقاط المهر، فإذا صدر ممن كملت شفقته، كان محالاً على النظر.

التفريع (٢):

٨٥١٢ - إنْ منعنا العفوَ، فلا كلام. وإنْ جوزناه، فنفوذه مشروط بخمسة أشياء، أحدها - أن يكونَ الولي أباً أو جَدَّاً؛ إذْ لا مُجبر غيرهما.

والثاني - أن يفرض العفوُ قبل الدخول؛ فإنَّ المهر إذا تأكد بالدخول، فقد تحقق فواتُ البضع، ولأجله استقر العوض. فإنْ كُنا نتلقى إسقاطَ المهرِ من حملِ قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} على الولي، فالعفوُ واردٌ في شطرِ الصداق، إذا فُرض وقوع الطلاق قبل الدخول.

والشرط الثالث - أن يكون العفوُ بعد الطلاق، أو يقعُ الاختلاعُ به؛ والسبب فيه اختصاص الآية أولاً بما بعد الطلاق، ومعتمد هذا القول الاتباع، وأيضاًً فإنها تبقى في أسر النكاح، فلو سقط مهرُها وهي [باقية] (٣) في الزوجية، والزوج ربما يستمتع بها- فيفوت بضعها مجاناً.

والشرط الرابع - أن يكون الصداقُ دَيناً، فلو كانَ عيناً، لم يجز للولي هبته من الزوج. هذا ما صار إليه معظم أئمة المذهب، وتمسكوا بظاهر العفو؛ فإنه مُشعِرٌ بالإبراء، وأيضاًً فإنَّ الملكَ لا يستقر في الدين استقراره في العين. وكان شيخي أبو محمد يرى للولي على هذا القولِ هبةَ العين؛ اعتباراً بالإبراء عن الدين، وهو


(١) ر. بدائع الصنائع: ٢/ ٢٩٠، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٢٩٠، ومختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٢٦٣ مسألة رقم: ٧٣٤.
(٢) في الأصل: والتفريع.
(٣) في الأصل: ـ ـه في الزوجية.