للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الغميم] (١)، وهي قرية من المدينة على فراسخ، فيكون المعنى لو دُعيت إلى مسافة بعيدة، لأجبت، وهذا غير مستقيم والكُراع مقرون بالذراع.

ثم من حمل التردد في الوجوب على إجابة الداعي، لم يَفْصِل بين دعوة ودعوة ومن ردد الجواب في وجوب اتخاذ الدعوة خصص تردده بوليمة العرس.

ووصف أبو سعيد الخدري أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فيما وصف: " كان صلى الله عليه وسلم يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويعلف الناضح، ويحلب الشاة، ويركب الأتان، ويطحن مع الخادم، وكان لا يحمله الحياء على ألا يحمل البضاعة من السوق إلى أهله، وكان يسلم مبتدئاً، ويصافح الغني والفقير، ويجيب إذا دُعي ولو إلى حَشَف التمر، وكان هين المؤونة، جميل المعاشرة، بسَّاماً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوسة، جواداً من غير سرف، رحيماً رقيق القلب ما تجشَّأ عن شِبع قط، ولا مدَّ يده إلى طمع " (٢). بأبي هو وأمي.

٨٥٦٠ - وعلينا بعد ذلك أن نفصِّل الدعوةَ والإجابةَ، فنقول: إذا بعث واحداً وقال له: ادعُ من لقيتَه، فدعا واحداً، فلا عليه لو تخلف، فإنه غيرُ معيّنٍ بالدعوة، وإذا لم يتجرد قصدٌ إلى مدعو، فيجب أن لا يثقلَ التخلفُ على الداعي، ولو دُعي وعلم المدعوُّ أن في دار الداعي أقواماً لا يلائمون المدعوَّ -والتفريع على وجوب إجابة الداعي- فهذا فيه ترددٌ للأصحاب، وهو أن يدعوَ رجلاً شريفاً مع طائفة من السُّفل والأراذل.

وإن كان المدعوُّ صائماً، لم يتخلف أيضاًً، بل يجيب ويحضر. ثم إن كان صومه


= كراع، لقبلت " وطرفه في ٥١٧٨ وهو بلفظ: " لو دعيت إلى كراع، لأجبت، ولو أهدي إلي كراع، لقبلت " وأحمد في مسنده: ٢/ ٤٢٤.
(١) غير واضحة ولا مقروءة بالأصل، والمثبت من (معجم البلدان) لياقوت.
(٢) لم نصل إلى حديث لأبي سعيد بهذه الألفاظ، بل لم نصل إلى حديث في الشمائل على هذا السياق الذي يجمع كل هذه المعاني، وإنما في الشمائل أحاديث أخر ربما بمجموعها تجمع هذه المعاني. (رجعنا إلى الشمائل للترمذي، وشرحها جمع الوسائل، وكذا رجعنا إلى دلائل النبوة، وزاد المعاد، والخصائص الكبرى).