للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأى من البعد كلباً يلغ في أحد الإناءين، ثم التبس، فإذا رأى الماء ناقصاً في أحدهما، أو رأى الماءَ مضطرباً فيه، ورأى قطرات من الماء بالقرب من أحد الإناءين، فهذه العلامات وغيرها متعلق الاجتهاد، فإن لم ير شيئاًً منها، لم يستعمل واحداً من الماءين. وسيأتي ذكرُ ما نأمره به إذا تعذّر الاجتهاد.

فهذا هو المذهب.

ومن أصحابنا من قال: إذا التبس الأمر، فاستعمل أحد الماءين من غير اجتهاد، جازَ؛ بناءً على أن الأصل في الذي استعمله الطهارة، فلا تزول إلا بيقين النجاسة.

وهذا وإن كان لا يعسر توجيهه، فهو بعيدٌ عن المذهب جدّاً. ولكن حكاه الصيدلاني على هذا الوجه.

وذكر شيخي وبعض المصنفين مسلكاً آخر ثالثاً، وهو أنه لو ظن الرجل طهارة أحد الماءين من غير تعلّق بأمارة، فله التعويل على الظن من غير أن يكون له مستند، فأمّا استعمال أحدهما من غير اجتهاد، ولا ظن، فلا.

وهذا أشبه مما حكاه الصيدلاني، ولكنّه أضعف في التوجيه منه؛ فإن الظن لا يغلَّب من غير سبب يقتضي تغليبَه. والأمور الشرعية لا تبنى على الإلهامات والخواطر.

فإذاً حصلت ثلاثُ طرق، والمذهب منها الطريقة الأولى.

٣٧٩ - فإذا فرعنا على أنه لا بد من الاجتهاد، فلو انصبّ أحد الماءين، فهل يجوز استعمال الثاني من غير اجتهاد، وقد انفرد الماء؟ فعلى وجهين مشهورين: أحدهما يجوز؛ فإنه مشكوك فيه، والأصل طهارته. والثاني لا بد من الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد وجب متعلقاً بهذا الإناء وبآخر معه، فتبقى فرضيتُه في حق الإناء الثاني. فهذا أجدر (١) الأمور في القاعدة.

٣٨٠ - ومن القواعد في ذلك أنه إذا كان مع الرجل إناءان: أحدهما طاهر والثاني


(١) في (م)، (ل): أحد الأمور.