للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمسح عند مسيس الحاجة، فلو أنه نزع الرجلَ الأولى، وهو بعدُ على الطهارة، وأعادها، فيمسح الآن؛ فإنه كان لبس الخفَّ الثاني على كمال الطهارة، فكان لُبسه صحيحاً. وإنما جرى الخلل في لُبس الخف الأول. فإذا نزع وأعاد، فنجعل كأنّ اللُّبس الأول لم يكن، وقد لبس الآن على كمال الطهارة.

٤٠٥ - ولو لبست المستحاضة -والحدثُ منها دائمٌ-[الخفَّ] بعد أن توضأت، ثم أرادت المسح على الخف، فقد اختلف أصحابُنا فيه، فمنهم من قال: لا تمسح؛ لأن طهارتها ناقصة، والحدث مقارن لها، وإنما يجوز المسح على الخف بعد تقديم طهارةٍ كاملة رافعةٍ للحدث.

ومن أصحابنا من قال: تمسح؛ لأنها تستبيح الصلاة بطهارتها الضعيفة، فإذا كانت صلاتها تصح بطهارتها، فينبغي أن يصح لُبسُها الخف بطهارتها.

ومن قال بالأول يقول: إذا كانت تمسح وأصل طهارتها ضعيف، فينضم ضعفٌ إلى ضعفٍ، والرخص لا يعدّى بها مواضعها. ونحن نأمر المستحاضة بأن تجدد الوضوءَ لكل فريضة، لتكون آتيةً بأقصى الممكن مع استمرار الحدث، فكيف يُضم إلى ما بها تركُ غَسل القدمين.

ثم قال الصيدلاني: من أجاز لها أن تمسح، فإنما يقول: لو لم تلبس، لكانت تصلّي فريضة واحدة ونوافل، فإذا لبست، وأحدثت حدثاً آخر -سوى حدث الاستحاضة- فإنها تتوضأ، وتمسح، وتصلي تلك الفريضة، وما شاءت من النوافل، وتقتصر (١)، ثم تنزع للفريضة الثانية؛ فإن طهارتها الأولى كلا طهارة في حق الفريضة الثانية. وليس كالطهارة التامة في حق غير المعذور؛ فإنها تصلح (٢) لأداء فرائض لو دامت، فإذا طرأ الحدث، جاز مسح الخف إلى انقضاء المدة المرعيّة.

هكذا قال الصيدلاني.

وليس هذا خالياً عن إشكال؛ فإن المسح إنما يقع بعد طريان الحدث على الطهارة


(١) كذا في جميع النسخ. والمعنى: تقتصر عليها.
(٢) في (ل): لا تصلح.