للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كتب ولم يقرأ، ونوى الطلاق، فقد نص هاهنا [على] (١) الوقوع (٢)، ونصَّ في الإملاء على أنه إذا كتب بطلاق زوجته ونوى، لم يقع طلاقه، وقال في كتاب الرجعة: ولا يكون رجعة إلا بكلام، كما لا يكون نكاح ولا طلاق إلا بكلام (٣).

فاختلف أصحابنا: فمنهم من قال: في المسألة قولان: أحدهما - أن الطلاق لا يقع؛ فإن الكاتب قادر على العبارة، فليعبر عن غرضه؛ فإن العبارة أصل البيان، والكتابةُ فعلٌ.

والقول الثاني - أن الطلاق يقع؛ فإن الكتابة مما يتفاهم بها العقلاء، وهي أحد البيانين.

ومن أصحابنا من قال: يقع الطلاق بالكتابة مع النية قولاً واحداً، وما ذكره في الرجعة قصد به الردَّ على أبي حنيفة (٤) في مصيره إلى أن الوطء رجعة، ثم استمر في كلامه كما وصفناه، ونصُّ الإملاء عند هذا القائل محمول على الأخرس، أو على الغائب، كما سنبين التفصيل فيه.

ثم فرّع الأئمة الحاضر وجعلوه أولى بأن لا يقع طلاقه بالكتابة؛ من جهة اقتداره على الإفهام بالنطق والكلام، والغُيَّبُ يعسر عليهم المناطقة، فتصير الكتابة في حقهم بمثابتها في حق الأخرس.

والذي تحصّل من كلام الأصحاب طريقان في الحاضر، وطريقان في الغائب على العكس، فأما الطريقان في الغائب، فمن أصحابنا من قطع بوقوع الطلاق، ومنهم من ذكر قولين.


(١) زيادة من المحقق.
(٢) نص هاهنا على الوقوع: المراد في المختصر، وهي العبارة التي صدّر بها الفصل: "ولو كتب بطلاقها، فلا يكون طلاقاً إلا أن ينويه".
(٣) يريد بحكاية هذا الكلام أن يشير إلى القول المخرج من هذه العبارات: "ولا يكون رجعة إلا بكلام، كما لا يكون نكاح ولا طلاق إلا بكلام" حيث يؤخذ من هذا أنه إذا كتب ونوى ولم يتلفظ لا يقع الطلاق، فإنه لم يتكلم ولا طلاق إلا بكلام.
(٤) ر. مختصر الطحاوي: ١٩٢، المبسوط: ٦/ ١٩، مختصر اختلاف العلماء:٢/ ٣٨٨ مسألة: ٨٩٣، اللباب: ٣/ ٥٤.