[وفي] الحاضر طريقان على العكس: منهم من قطع بأن طلاقه لا يقع بالكتابة، ومنهم من قال: قولان.
وينتظم من الغائب والحاضر ثلاثة أقوال.
٨٩٩٤ - ثم إذا تمهد الأصل، فالكلام وراء ذلك في أمور: منها تفصيل القول فيما يتعلق بالكِتْبة من الأحكام سوى الطلاق، ومنها ما يكتب عليه، ومنها اتباع الألفاظ [المُثْبتة](١) في الكتب وبيان صيغتها.
فأما القول فيما يتعلق بالكتابة، فترتيب المذهب فيه أن الأحكام المتعلقة بالألفاظ تنقسم إلى ما لا يفتقر إلى القبول، وإلى ما يفتقر إلى القبول، فأما ما لا يفتقر إلى القبول، فهو كالطلاق والعتاق والإبراء والعفو عن الدّم، فهذه الأشياء هل تحصل بالكِتبة؟ فيها التفاصيل التي قدمناها في الطلاق، ثم المذهب المقطوع به أن الكِتْبة بمجردها، لا تتضمن وقوع الطلاق، حتى تنضم إليها النية، ولا يحصل بها الإبراء والعفو والعتق كذلك، حتى يقترن بها نيات هذه الأشياء، وحكى الشيخ أبو علي في شرح التلخيص وجهاً غريباً أن صيغة الكِتبة إذا كانت صريحاً لو فرض النطق بها، وقع الطلاق من غير نيّة، وهذا بعيد، لم أره لغيره.
٨٩٩٥ - والتحق بهذا المنتهى أن الناطق لو أشار إشارة الأخرس، فهل يقع الطلاق بإشارته، قال شيخي: كان القفال يُجري إشارة الناطق بمثابة كتابته، وكان ميله إلى أن الإشارة من الناطق أولى بالإحباط من الكتابة؛ فإن الكتابة مألوفة من الناطقين على اطراد، سيما في حالة الغيبة بخلاف الإشارة، فإنها لا تصدر على قصد الإفهام إلا على ندورٍ، أو في حالة هزء، ثم إذا صدر من الناطق -على قولنا بإعمال إشارته- ما لو صدر من الأخرس، لكان صريحاً، فكيف سبيلها؟ الوجه القطع بأنها كناية عن الناطق كالكتابة، وإن كانت صريحاً من الأخرس.
وكان شيخي يقطع بأن الكتابة صريحٌ من الأخرس. ولي في هذا نظر؛ فإن كتابة الكاتب، قد تقع لنظم حروف وامتحان قلم، ومحاكاة خط، فإن انضمّ إلى الكِتبة
(١) في الأصل: كلمة غير مقروءة: رسمت هكذا (المثهته).