للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قال الغائب: بعت داري هذه من فلان، وأُشهد عليه، فإذا بلغ الخبر مَنْ هو في مقام المشتري، فهي كالكتابة، بل هذا أولى بالصحة لوجود اللفظ.

هذا بيان البيع وما في معناه.

٨٩٩٧ - فأما النكاح، فهو أولاً يترتب على البيع إذا فرض بالكتابة في حالة الغيبة، فليرتب على البيع، والفرقُ ما في النكاح من التعبد والتضييق في العبارات، ثم يتفرع على النكاح افتقاره إلى الشهادة. فإن صححنا النكاح وقد جرى من الغائب لفظُه، وشهد عليه عدلان، وشهدا على قبول من يبلغه الخبر، فقد ثبت ركن الشهادة، وإن شهد على قول الزوج عدلان، وشهد على قبول القابل عدلان آخران، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أن النكاح لا ينعقد؛ لأن واحداً منهم لم يشهد على عقد تامٍ.

ومن أصحابنا من قال: يصح النكاح؛ لأن العقد لو جُحد أمكن إثباته بهم، وهو المقصود. وهذا فيه إذا لَفَظَ الموجِب والقابلُ بالإيجاب والقبول. فأما إذا كتب، ولم يتلفظ، فالإشهاد على الكتابة ممكن، ولكن الكتابة كناية، ولا اطلاع على نية الكاتب، وإن زعم أنه نوى بعد الكتابة، فهذا إشهاد على الإقرار، ولا يقع الاكتفاء بالإشهاد على الإقرار، فالذي يقتضيه قياس الشافعي القطعُ بأن هذا لا يصح. ولكن أجرى كثير من الأصحاب القولين في الكتابة في النكاح، ولعلهم رأَوْا هذا محتملاً لضرورة الغيبة، وهذا بمثابة احتمال انقطاع الإيجاب عن القبول بسبب حاجة الغيبة.

هذا منتهى الكلام في هذه القاعدة.

٨٩٩٨ - ويتفرع عليه الكتابة في الحضور، وقد قدمنا أن الكتابة في الحضور أبعد عن الجواز؛ لانتفاء حاجة الغيبة، فإن منعنا، فلا كلام. وإن جوزنا، فقد يمكن فرض اتصال الكتابة بالقبول في الشهود والحضور، فإن كان كذلك، لم يبق إلا إقامة الكتابة من غير حاجةٍ مقام العبارة. وإن انقطع الإيجاب عن القبول في الشهود والحضور، فنقطع بالمنع، وهو بيّن.

٨٩٩٩ - ثم يتفرع على هذه القواعد مسائل سهلة المأخذ، فإذا كتب إلى إنسان بأنّي وكلتك في بيع مالي وعتْقِ عبدي، فهذا يترتب على أنه لو شافهه بهذا هل يفتقر إلى