أو غير مدخولٍ بها، وقول الزوج ثلاثاًً لا يُقطع عن صدر كلامه؛ فإنّه منعطف عليه تبييناً وشرحاً وإيضاحاً، وليس في حكم كلام مبتدأ.
ولو قال لامرأته التي لم يدخل بها: أنت طالق، وطالق، فإنها تبين بالطلقة الأولى، ولا تلحقها الثانية؛ فإن المعطوف عليه مستقلٌّ بنفسه، وليس المعطوف بياناً له، ولا كشفاً لمعناه، فإذا استقل الكلام الأول بعد موجبه، فتبين المرأة.
ثم قال الفقهاء: قول الرجل: أنت طالق ثلاثاًً مشتمل على مفسَّر وتفسير، وزعموا أن قوله ثلاثاًً ينتصب على التفسير، وهذا جهل بالعربية، وذَهاب عن وضع اللسان، وبابُ التفسير والتمييز مشهور بين النحاة، وليس هذا منه، بل قول الزوج ثلاثاًً نعتُ مصدرٍ محذوف والتقدير: أنت طالق طلاقاً ثلاثاًً، وهو كقول القائل: ضربت زيداً شديداً، والتقدير ضرباً شديدأ.
٩٠١٦ - ثم معتمد المذهب، والقطبُ الذي عليه تدور المسائل أن الفعل من الطلاق والاسمَ المشتق يُشعران بالمصدر لا محالة، والمصدر يصلح للواحد والجنس، فتَطرَّق إمكانُ العدد، فإنْ لَفَظَ الزوج به، فذاك، وإن قال: أنت طالق، ونوى عدداً، وقع العدد الذي نواه، خلافاً لأبي حنيفة (١)، فاستبان أن الفعل من لفظ الطلاق والاسمَ صريحان في أصل الطلاق، صالحان للعدد على التردّد، والنيةُ شأنها تعيين وجهٍ من وجوه التردد.
ولو قال لامرأته: أنت طالق واحدة، ونوى الثلاث، أو ثنتين، فهذا ينقسم قسمين: أحدهما - أن ينصب قوله واحدةً نصبه قوله ثلاثاًً، والآخر أن يقول واحدةٌ بالرفع، فأمّا إذا نصبَ قوله واحدةً، فهذا يستدعي ذكر مقدمة، ستأتي مشروحةً في موضعها، إن شاء الله، ونحن نذكر مقدار غرضنا منها.
فإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق، ولم يخطر له إلى استتمام اللفظ الاستثناءُ،