للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لمّا تم لفظ الطلاق، خطر له أن يقول على الاتصال: إن شاء الله؛ تداركاً لما تقدّم، فقال: إن شاء الله متصلاً، فقد قال أبو بكر الفارسي - في كتابه المترجم مسائل الإجماع: يقع الطلاق في هذه المسألة إجماعاً، ووافقه معظم الأصحاب في دعوى الإجماع، وتعليلُه: أن لفظ الطلاق تم، ثم حاول استدراكه من بعدُ، فكان قصده في الاستدراك مردوداً.

ومن أصحابنا من قال: لا يقع الطلاق؛ فإن شرط وقوعه ألاّ يُجري على الاتصال به لفظاً ما يكون استدراكاً. وهذا الوجه على اشتهاره مزيّفٌ، لا تحصيل له، وسنعود إلى ذلك في مسائل الاستثناء، إن شاء الله.

٩٠١٧ - فنقول الآن: إذا قال لامرأته: أنت طالق واحدة، ثم زعم أنه قصد بجميع كلامه ثلاث طلقات، وبسط قصده على أوّل كلامه وآخره، فهل يقع الثلاث؟ اختلف أصحابنا في المسألة: منهم من قال: لا يقع الثلاث؛ لأن لفظه يناقض قصدَه، والقصد بمجرده لا يعمل ولا ينفذ [في] (١) الثلاث واللفظ على مناقضته، كنية الطلاق عند ذكرٍ من الأذكار عند قراءة القرآن. هذا إذا نوى الثلاث بجميع اللفظ.

ولو نوى الثلاث بقوله: أنت طالق، ثم خطر له أن يقول واحدة، فعلى طريقة الفارسي يقع الثلاث؛ فإنه طبق نية الثلاث على لفظ محتملٍ لها، ثم أتى بعد ذلك بلفظٍ يناقض ما تقدّم، فلا حكم له.

وإن جرينا على الوجه الضعيف وأعملنا الاستثناء الذي وصله لفظاً، وإن قصده بعد نجاز اللفظ، فيخرّج على ذلك الوجهان المذكوران فيه إذا نوى بجملة اللفظ الثلاث.

وإذا ضممنا هذه الصورة إلى الصورة الأولى، انتظم فيها أوجهٌ: أحدها - أن الثلاث تقع، والثاني - أنها لا تقع. والثالث - أنه إن نوى الثلاث بقوله: أنت طالق، تقع، وإن نوى الثلاث بمجموع اللفظ، لا تقع.

ولو قال: أنت طالق واحدةً، وزعم أنّي أردت طلقةً واحدةً ملفّقاً من ثلاث


(١) في الأصل: فيه.