للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير ذكر عددٍ، [فنقول] (١): إن كان التفريع على أن تفويض الطلاق تمليكٌ، وجوابها بمثابة القبول في مقابلة الإيجاب، فيتجه ما ذكره من بناء كلامها على كلامه؛ فإن قولها على قول التمليك بمثابة القبول مع الإيجاب.

فأما إذا جعلنا التفويض توكيلاً، فالوجه أن لا يقع الثلاث؛ فإنّ تصرف الوكيل لا ينبني على التوكيل، وإنما هو افتتاح تصرّف، ولو كان مبنياً على التوكيل، لشُرط اتصاله به.

ومن قال: يشترط على قول التوكيل اتصالُ كلامها بالتفويض، فقد يخطر له ما ذكره القاضي أيضاً.

ويجوز للفقيه أن يقلب هذا الترتيب، فيقول: إن جعلنا التفويض توكيلاً، فلا نبني كلامها على كلامه، وإن جعلناه تمليكاً، فالمسألة محتملة: يجوز أن يسلك فيه مسلك البناء، كما ذكره القاضي، ويجوز أن يقال: لا يبنى قولها على قوله؛ فإنها متصرفة على الابتداء تصرفاً له صيغة التمام، وليس كالقبول الذي لا يقع إلا شقّاً، والدليل عليه أنه لو قال: طلقي نفسك ثلاثاً، فقالت: طلقت نفسي واحدة، وقعت الواحدة، ولو قال: طلقي نفسك واحدة، فطلقت نفسها ثلاثاًً وقع من الثلاث واحدة، ولو كان تطليقها مع تفويضه كالإيجاب والقبول، لما وقع الطلاق مع الاختلاف؛ فإن الرجل لو قال لمن يخاطبه: بعت منك عبدي هذا بألف، فقال: اشتريته بألفين، لم ينعقد العقد، ولم نقل: ينعقد بالألف ويلغو الألف الزائد، وهذا النوع ينفذ من الوكيل.

هذا منتهى القول في تفويض العدد مع تصوير موافقتها ومخالفتها لفظاً وقصداً.

٩٠٢٤ - ثم قال الشافعي: "ولو طلق بلسانه واستثنى بقلبه ... " (٢) وهذا طرف من أطراف التديين، وقد استقصيناه فيما تقدم.


(١) في الأصل: ونقول.
(٢) تمام العبارة: "ولو طلق بلسانه، واستثنى بقلبه، لزمه الطلاق، ولم يكن الاستثناء إلا بلسانه. (ر. المختصر: ٤/ ٧٦).