للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا بمثابة ذكر الظهار وكفارته في آيات الظهار.

ومن قال: مطلق التحريم لا يكون صريحاً في اقتضاء الكفارة، احتج بأنّ الزوج لو نوى به الطلاق، لكان طلاقاً، ولو كان صريحاً في اقتضاء الكفارة، لما جاز نقله عما هو موضوع فيه، كالطلاق إذا نوى الزوج به ظهاراً، وكالظهار إذا نوى به طلاقاً.

ومن قال بالوجه الثالث، اعتمد القرآن وسببَ نزوله، وقال: المعتمد في هذا الأصل الكتاب، وهو وارد في المملوكة، والحرّةُ مشبَّهةٌ بالمملوكة، فلا يمتنع أن يكون اللفظ صريحاً في موضوعه.

٩٠٢٨ - ثم مذهب الشافعي أن التحريم حيث يوجب الكفارة لا يتنزّل منزلة اليمين، حتى يقال: يتوقف وجوب الكفارة على مخالفة التحريم بالإقدام


= أ- مجموع الطرق.
ب- رواية النساني من حديث أنس.
وأقول: ليس في الأمرين ما يردّ كلام القاضي عياض، أما مجموع الطرق، ففيه ما فيه، وليس هذا الموضع مما يعتمد فيه التصحيح أو التقوية بمجموع الطرق.
أما حديث النسائي، فليس فيه تفاصيل القصة، بل لفظه كما رواه الحافظ نفسه: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك} فيبقى قول القاضي عياض: "لم تأت قصة مارية من طريق صحيح" على صوابه، حيث يردّ القصة التي تحوي هذه التفاصيل.
ثم يأتي هنا السؤال: هل يجوز الترجيح بقوة الرواية؟ وهل يمكن الجمع بين القصتين، كما جعله الحافظ احتمالاً في الفتح، وكما قاله الشوكاني في تفسيره.
ولكن يجب أن نؤكد عند الجمع أن تحريم مارية لم يكن على هذا النحو الذي ورد في الفصة، فليس هذا ثابتاً باتفاق، بل يجب الوقوت عند ما رواه النسائي: "حرمها على نفسه" فليس من الرواية ولا من الدراية أن نخترع تفاصيل لسبب التحريم إذا صح أصله. والله أعلم.
وأختم بتساؤل: هل يفهم من قول الإمام النووي في شرح مسلم: "وفي كتب الفقه أنها نزلت في تحريم مارية" هل يفهم من هذا نوع إنكارٍ على الفقهاء؟ لا سيما وأنه لم يتعرض للقضية أصلاً وأعرض عنها تماماً في (الروضة). الله أعلى وأعلم.
ونضيف ملاحظة أخرى، هي أن كتب الفقه اعتمدت هذه القصة -قصة مارية- دون قصة العسل على ضعف قصة مارية؛ لأنها هي الأوفق للتمثيل والاستشهاد في تحريم الأبضاع، فهذا عذرهم، والله أعلم.