للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا مردود عليه؛ فإن اللفظ صريح في اقتضاء التنجيز، وهو لم ينف التنجيز في الحال، ولكنه ذكر وراء التنجيز أمراً محالاً، فوجب الحكم بالتنجيز أخذاً باللفظ والقصد، ووجب إلغاء الانعكاس؛ فإنه مستحيل، ثم الربيع جعل الوصف كالشرط، وقال: إذا ذكر الانعكاس، فكأنه قال: "إن انعكس الطلاق على الزمان الماضي، فأنت طالق الآن". وهذا كلام مستكره متكلَّف.

٩٠٥٠ - ثم نعود بعده إلى تعليق الطلاق بالمستحيلات: فإذا قال: "إن صعدت السماء، أو إن طرتِ، أو إن أحييت ميتاً، فأنت طالق" فحاصل ما ذكره الأصحاب في هذه الفنون ثلاثة أوجه: أحدها - أن الطلاق يقع بقوله: أنت طالق ويلغو التعليق المحال؛ فإن التعليق إنما يثبت إذا أمكن، وجرى شرطاً يرتقب حصوله لتعلق المشروط به، فإذا لم يكن كذلك، كان خارجاً عن حقيقة التعليق، ويلزم إبطاله لخروجه عن وضعه، وإذا بطل، بقي التطليق من غير تعليق.

والوجه الثاني - وهو الذي قطع به معظم الأئمة أن الطلاق لا يقع؛ فإنه لم ينجزه فيتنجز، بل علقه، ثم إن كان التعليق في ممكن، فالوجه أن ينتظر [و] (١) إذا كان التعليق في غير ممكن، فغرض الزوج أن يمتنع وقوع الطلاق حسب امتناع الصفة التي [ذكرها] (٢).

والوجه الثالث - أنه إذا قال: إن [طرتِ] (٣) أو صعدت، لم يقع الطلاق، لأن الربّ تعالى موصوف بالاقتدار على إقدارها على الطيران، والترقي في السماء، فهو من الممكنات والمقدورات، فإذا قال: "إن أحييت ميتاً"، يقع الطلاق؛ لأن هذا من المستحيلات؛ لأن إحياء الموتى لا يتصف بالاقتدار عليها إلا الإله الأزليّ، فيتحقق التحاق هذا بالمستحيلات، فلا يبعد إلغاء التعليق فيه، هذا ما ذكره الأصحاب.


(١) زيادة من المحقق.
(٢) في الأصل: ذكرناها.
(٣) في الأصل: طردت.