٩٠٥٤ - ولو قال الزوج: أردت بهذا أني طلقتك في الشهر الماضي طلقة رجعية، وأنتِ الآن في عدّة الرّجعة، فالذي ذكره المحققون أن هذا مقبول منه؛ فإن لفظه محتمل، وهو متضمنٌ ثبوتَ الطلاق في هذا النكاحِ إقراراً به، وإذا تردد لفظه بين الإقرار وبين الإنشاء والنكاحُ متّحد، فالوجه تصديقه من غير أن يُحْوَج إلى بيّنة، وغاية الأمر أن يُحَلَّف.
ونقل بعض النقلة عن القاضي أنه قال: إن صدّقته المرأة، قُبل ذلك منه، وحُمل قوله على الإقرار بالطلاق، وإن كذبته، فالقول قولها؛ لأن الظاهر منه إيقاع الطلاق في الحال، فنحكم إذاً بوقوع طلاقين: أحدهما - إنشاء، والآخر - إقرار منه، وهذا كلام مضطرب، لا يجوز نسبةُ مثله إلى القاضي؛ فإنا إن قلنا: لا نقبل تفسيره بالإقرار، فقد يكون لهذا وجه؛ فإن صيغة الإيقاع أغلب، والدليل عليه أنه لو قال:"أنت طالق"، فهذا في ظاهره صفة، فلو قال: أردتُ أني طلقتك؛ فأنت الآن بحكم التطليق الماضي طالق، فهذا غير بعيد عن صيغة اللفظ، ولكنّه لا يقبل.
فلو قال قائل: لا يقبل حَمْلُ قوله: أنت طالقٌ الشهرَ الماضي على الإقرار أصلاً، لكان كلاماً، ويلزم منه ألا يُقبل إقرارُه إذا فسره بتطليق زوج غيره أو بتطليقه في نكاح آخر، وإن أقام بينة عليه؛ فإذ قُبل ذلك على الشرائط المقدّمة وقال هذا الناقل في هذه المسألة: لو صدَّقَتْه قُبل، ولا أثر لتصديقها؛ فإن الطلاق يتعلق بحق الله، فلو قال لامرأته: أنت طالق، وزعم أنه أراد طلاقها عن وِثاق، لم يقبل منه ظاهراً، ولو صدَّقته المرأة، فلا تعويل على تصديقها، فلا وجه لهذا التفصيل.
وينبغي أن يقال: تفسير الرجل قولَه بالإقرار، ويُحَلّف، ويُفْصل بين هذه الصورة وبين ما إذا حُمل لفظه على الطلاق من [غيره](١)، أو منه في نكاح آخر؛ لأن هذا إنكار منه للطلاق في هذا النكاح، فإن لم يُقْبل حَمْلُه اللفظَ على الإقرار، وجب ألا