للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شيخنا يقول: إذا قال: أردت إيقاع الطلاق في الحال ووقوعه في الشهر الماضي، فيقع في الحال، ولو قال: أردت إسنادَ الإيقاع والوقوعَ إلى الشهر الماضي، ففيه وجهان مشهوران، وفي لفظه تعقيد.

والأولى في التفصيل ما ذكرناه، فإن أراد الإيقاع في الحال على شرط الانعكاس، فهذه صورة الرّبيع، وإن أراد أن يسند (١) وقوع الطلاق بإيقاعه ولفظه المسموع منه في الحال، فهذه صورة الوجهين، فأما إسناد الإيقاع والوقوع إلى ما مضى، فكلامٌ مضطرب، وقصد شيخنا ما ذكرناه، وإنما التعقيد راجع إلى العبارة.

٩٠٥٣ - ومن تمام الكلام في المسألة أنه إذا قال: أردت بقولي: "أنتِ طالق الشهرَ الماضي" أنك قد طلقك زوج في الشهر الماضي، فأردت الإخبار عنه، قال الأصحاب: إن أقام بينة أن زوجاً طلقها في الشهر الماضي، قُبل منه ما يدعيه في معنى لفظه، ثمّ وإن اتهم مع ذلك، حُلِّف، وإن لم يمكنه أن يُثبت أن زوجاً طلقها في الشهر الماضي، فلا يقبل ذلك منه، ويحكم بانتجاز الطلاق. هكذا قال الأصحاب.

وفي القلب من هذا شيء؛ فإن اللفظ إذا كان محتملاً، وهو صاحب اللفظ والإرادة، فإذا فسر لفظَه بممكنٍ، فلا يبعد أن يقبل تفسيره، ثم يكذَّب في إخباره، وإذا كنا نجعل المسألة على وجهين فيه إذا فسر لفظه بمحال، وهو إسناد [الوقوع] (٢) إلى ما مضى، حتى نقول في وجهٍ: لا يقع الطلاق، فلا يبعد أن ينزل لفظه إذا فسره بالإقرار منزلة ما لو ابتدأ، فقال: قد طلّقكِ في الشهر الماضي زوجٌ غيري، وهذا لا يوجب وقوع الطلاق منه، وإن كان كاذباً؛ فإذاً هذا متجهٌ على ما ذكرناه، ولو كان قوله لا يحتمل الإقرار، لَما جاز الحملُ عليه، وإن أمكنه أن يثبت بالبينة طلاقاً من زوج.

ولو قال: أردت بقولي: "أنت طالق الشهر الماضي" أني طلقتك في نكاحٍ في الشهر الماضي، ثم جددت عليك [نكاحاً] (٣) بعد البينونة، فهذا بمثابة ما لو فسر


(١) أن يسند وقوع الطلاق: المعنى أن يوقعه في شهرٍ مضى، أي واقعاً من ذلك الوقت.
(٢) في الأصل: الوقاع.
(٣) في الأصل: نكاحها.