للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان التخويف بضربٍ لو فُرض وقوعُهُ، لكان من موجبات القصاص إذا أفضى إلى التلف، فهو بمثابة التخويف بقطع الطرف، وهذا جارٍ في كل محل، يخالف فيه من يخالف في التخويف بقطع الطرف إلا أن يكون التخويف بضرب لا يتصوّر البقاء معه، فيكون بمثابة التخويف بالقتل.

فأما إذا كان التخويف بتخليد الحبس، أو إتلاف المال، أو قتل الولد، فهاهنا موقف يجب التنبه له: ذهب ذاهبون إلى أن المرعي في هذا المقام أن يكون المطلوب من المجبَر أقلَّ في نفسه ممَّا خُوّف به، وبنَوْا عليه أنه إذا كان كذلك، فإنه سيؤثر الطلاق في غالب الأمر، فيكون محمولاً على اختيار الطلاق، ومن كان محمولاً على اختياره، سقط اختيارُه؛ فإن الاختيار الحقيقي هو الذي لا يكون المرء محمولاً عليه.

وإن كان المطلوب منه أكبرَ في النفوس مما يخوَّف به، فلا يتحقق الإكراه حينئذٍ، وهذا المسلك يوجب الفرق بين المطلوب والمطلوب، فإن كان المطلوب قتلاً؛ فإن احتمال الحبس على انتظار الفرج [هو] (١) أهون من الإقدام على قتل مسلم.

وإن كان المطلوب الطلاق والعتاق، لم يهن احتمال الحبس، وهذا يرجع إلى الجبلّة، وليس من أوزان الفقه وتصرفه في الفرق بين الخطير وما دونه، بل لا تحتمل النفس الحبس والمطلوبُ الطلاق، فيصير محمولاً على اختيار الطلاق، وليس الأمر كذلك في القتل.

وعليه يخرّج الفرق بين المناصب والمراتب، والنظر إلى ذوي المروءات، وسرّ هذا المسلك ردّ الأمر إلى كون الإنسان محمولاً على اختيار ما يطلب منه.

فقد لاح أن هذا السبيل يوجب الفرق بين المطلوب والمطلوب، وبين المطالَب والمطالَب.

٩١٠٩ - والطريق مبهمٌ بعدُ [وسنذكر] (٢) فيه الممكن من التفصيل بعد تمام البيان في التقعيد والتأصيل.


(١) في الأصل: وهو.
(٢) في الأصل: سنذكر (بدون وأو).