للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الخلاف مأخوذ [ممّا] (١) إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق، فماتت، ثم قال: ثلاثاً، فمن قال ثَمَّ: لا يقع شيء، فيقول في سلامة (٢) الحال: يقع الثلاث عند قوله ثلاثاًً.

ومن قال ثَمَّ: يقع الثلاث، يقول في سلامة الحال: يقع الثلاث بفراغه من قوله: أنت طالق.

ومن قال ثَمَّ: إذا ماتت المرأة، وقعت طلقة بقوله: "طالق" في حياتها، فيلزمه على هذا المساق أن يقول: يقع طلقة بقوله طالق، ويتم الثلاث بقوله ثلاثاًً.

هذا مسلكٌ لبعض الأصحاب، وهو ساقط عندنا؛ فالوجه القطع بأن الثلاث تقع مع الفراغ من الكلام؛ إذ لا خلاف أنه إذا قال للتي لم يدخل بها: أنت طالق ثلاثاًً، طلقت ثلاثاً، ولو كانت تطلق واحدة بقوله أنت طالق، لبانت ثم لا يلحقها غير الواحدة.

ومن لطيف الكلام في هذا أنه إذا أنشأ قولَه: أنت طالق، وعزم على أن يقول ثلاثاًً، فهذا ليس يطبِّق قصدَ الثلاث ونيّتَها على قوله طالق؛ فإنه بنى كلامه على أن يصرّح ويعوّل على ذكر الثلاث، فلا معنى للمصير إلى أنه في حكم من يقول: أنت طالق وينوي الثلاث، ولكن إن تمّ اللفظ واتَّسق على ما أراد، فالتعويل على اللفظ.

والوجه القطع بوقوع الثلاث مع الفراغ من اللفظ، وإن طرأ ما يمنع نفوذ الطلاق كالموت في المخاطبة، فيثور الإشكال الآن؛ فإن تعطيل لفظه، وقد أتى بما يستقل ويفيد في حالة الحياة محال، فاضطرب رأي الأصحاب عند طريان ما وصفنا، فمن [طرد] (٣) القياس الذي قدمنا صائر إلى أن بعض اللفظ إذا وقع بعد الموت، لغا كلُّه، وهذا وهم، والمصير إلى وقوع الثلاث وهمٌ، والأقرب ألا يعطَّل ويُكتفى بموجب اللفظ المصادف للحياة.


(١) في الأصل: فيما.
(٢) سلامة الحال: أي عدم موت الزوجة.
(٣) في الأصل: "طارد".