وينتظم من هذا أنه إذا أنشأ الطلاق على أن يفسّره، فالأمر فيه موقوف؛ فإن انتظم اللفظ من غير مانع، قطعنا بوقوع الكل مع آخر اللفظ، وإن طرأ مانع، فعند ذلك يضطرب الرأي، كما نبهنا عليه.
٩١٢٢ - ولو قال لامرأته التي لم يدخل بها: أنت طالق وطالق، فلا يلحقها إلا الطلقة الأولى. ولو قال: أنت طالق ثنتين، أو قال: أنت طالق ثلاثاًً، فيلحقها العدد المفسِّر إجماعاً.
٩١٢٣ - ولو قال لامرأته التي دخل بها: أنت طالق طلقةً قبلها طلقةٌ، أو أنت طالق طلقةً بعد طلقةٍ، فيلحقها طلقتان؛ فإنه وإن رتّب لفظه وجاء بالطلقتين في صيغتين، فالمدخول بها تحتمل الطلقات المتتابعات.
٩١٢٤ - ثم إذا لحقها طلقتان، فلا خلاف أنهما يقعان في زمانين؛ فإنه مصرّح بإيقاعهما كذلك، وذكر العراقيون وجهين في كيفية وقوع الطلقتين بهاتين الصيغتين بعد القطع بوقوعهما في زمانين: أحد الوجهين - أنه يتنجّز طلقةً، ويستبين وقوع طلقة قبلها. والثاني - أن المُوقَع المنجَّز يتنجّز ويعقبه طلقة أخرى.
وقد ذكر القاضي الوجهين على هذا النسق.
وهذا مضطرب عندي، فإنا ننظر إلى الطلاق المنجَّز، فإن قدّرنا وقوع طلقة قبله على معنى أنها تتقدم على لفظ المطلِّق، فهذا من المحالات؛ فإن الطلاق لا يتقدم وقوعه على لفظ المطلِّق، وإن نظرنا إلى الطلاق الموقَع، وقلنا: يقع [بعد](١) طلاق آخر، فهذا أحد الوجهين الذي لا يفهم غيره في الإمكان والوقوع.
ولكن يسوغ للقائل الأول أن يقول: إذا قال: أنت طالق طلقة قبلها طلقة، فلا يقع ما في ضمن قوله: أنت طالق طلقة، حتى يقدُمه طلاق، وهذا الطلاق الذي يتقدّم يقع أيضاًً بعد اللفظ، وكأن المعنى: أنت طالق طلقة من قبلها طلقة تقع، فهذا يزيل الخبط والاضطراب، ويقطع توهم الغلط.