وصار إلى أن الدَّور يمنع وقوع الطلاق، فالجواب ما ذكرناه، من امتناع وقوع الطلاق على التي لم يدخل بها بالعبارة التي ذكرناها.
ومن ذهب مذهب أبي زيد ولم يُدِر المسألة قال: تلحق المرأة طلقة واحدة، فإن القول بالدّور -على أصله- باطلٌ.
٩١٢٦ - وهذا كلام مختلّ؛ من جهة أن صورة الدّور: أن يقول لامرأته: "إذا طلقتك، فأنت طالق قبل تطليقي إياكِ ثلاثاً". فإذا نجّز تطليقها، لم يقع شيء على رأي ابن الحداد ومعظم الأصحاب، وسببه أنه لو وقع ما نجز، لوقع قبله ثلاثاًً، ولو وقعت الثلاث، لامتنع وقوع ما نجّز.
ووجه قول أبي زيدٍ أن الشرط لا يقف على المشروط، بل المشروط يقف على الشرط، وما نجّزه شرط، فليقع، ثم ننظر في الجزاء وتيسره وتعسّره.
والمسألة التي نحن فيها ليست من هذا القبيل؛ فإنه ليس في لفظ المطلِّق شرطٌ ولا جزاء، نعم، فيها صفة وموصوف، وارتباط على هذا الحكم؛ فإن كانت الطلقة المقدّمة المعنيّة [بقوله](١) قبلها موصوفة بكونها سابقة، فلتقع لاحقة، وإن وقعت فردة، فليست سابقة، فهذا من باب تعذّر الصفة، ثم تتعذر المسبوقة تعذراً حقيقياً، إذ ليس من الممكن فرض طلقة مسبوقةٍ في التي لم يدخل بها إذا كان يوقعهما في قَرَن، فليس هذا مأخذ الدور، وإن كان يشابهه من طريق التعذر بالارتباط.
ولو صحّ هذا، لقال أبو زيد: لا يلحقها طلقة، وإن كان الشرط المنجّز عنده يقع في مسألة الدَّور.
٩١٢٧ - فالوجه وراء هذا أن نقول: إن أوقعنا مضمون قوله: أنت طالق أولاً، فهذه تلحقها طلقة، كما قدمنا، وإن رأينا في المدخول بها أن نوقع أولاً مضمون قوله قبلها، فيحتمل وجهين: أحدهما - ما ذكرناه، وتوجيهه الصفة والموصوف.
ويحتمل - أن نقول: يقع طلقة؛ فإنه قصد توزيع طلقتين على زمانين، ولا يكون طلقة قط صِفة لطلقة، فعلى هذا يلحقها الأولى، وكأن هذه العبارة بمثابة قول