للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالمبانة، وحكمها حكم الجماد والميتة، وهذه المسألة صوّرها الفقهاء وبنَوْا الحكم على اعتقاد تصوّرها، وهي ليست متصوَّرة، فإن ما أبين وفصل لا يلتحم قط في طرد العادة، وقد يبان البعض فيلتحم ما أبين، ومثل هذا لو أضيف الطلاق إليه وبعضه مبانٌ غير ملتحم، فالطلاق يقع مع انقطاع البعض قبل التحامه.

ولو أضاف إلى الأخلاط المنسلكة في البدن كالبلغم والمِرّتين (١) فسبيل الإضافة إليها كسبيل الإضافة إلى فضلات البدن، وليس كالدّم؛ فإن به قوام البدن، وهو مادة خَلَف ما ينحل من الإنسان.

٩١٣٤ - ومن بقية الكلام في هذا الفصل أنه إذا أضاف الطلاق إلى جزء منفصلٍ أو إلى جزء شائع، وحكمنا بوقوع الطلاق، فللأصحاب اختلاف مشهور في تقدير ذلك، فمنهم من قال: يصادف الطلاق الجزء المعيّن، أو الشائع، ثم يسري منه ويستوعب، كما يسري العتق من النصف.

ومنهم من قال: تقديرُ وقوع الطلاق بتنزيل عضو أو جزء منزلة الكل، فإذا قال: يدك طالق، أو نصفك طالق، كان كما لو قال: أنت طالق، وإذا كان التقدير على هذا الوجه، فلا حاجة إلى تقدير توجيه الطلاق على البعض والتسرية منه إلى الباقي.

توجيه الوجهين:

٩١٣٥ - من قال يقدّر فيه التَّسرية استدلّ بمقتضى اللفظ أولاً، وبما استشهدنا به من التسرية في العتق.


(١) المرّتين: المرة خلط من أخلاط البدن، وكان القدماء يعتقدون بأخلاط أو عناصر أربعة يجعلون لها التأثير في استعداد الإنسان ومزاجه، وهذه الأخلاط هي الدم، والبلغم، والصفراء، والسوداء. وكانوا ينسبون إليها فيقولون: دموي، وبلغمي، وصفراوي، وسوداوي (المعجم مادة: م. ر. ر، م. ز. ج).
وقال الإمام هنا المرتين من باب التغليب، فهو يريد: الصفراء، والسوداء، والصفراء هي المرّة فسماهما معاً المرّتين. وهذا مفهوم من السياق، حيث ذكر الدم من قبل، وذكر هنا البلغم، فلم يبق من الأخلاط -التي كانت معروفة عندهم- إلا الصفراء والسوداء، فهما (المرتين).