للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن قال: لا تقدر التسرية احتج بأن الطلاق لا يفرض له ثبات على جزء شائع حتى يُبنى عليه التسرية منه، وليس كذلك العتق المضاف إلى الجزء الشائع وإذا كانت التسرية نتيجة إمكان الثبات على الجزء المذكور، وذلك غير ممكن في الطلاق، فيتصدّى بعد ذلك إبطال اللفظ وإلغاؤه، أو إعمالهُ بتنزيله منزلة مخاطبة الجملة، فإذا لم يمكن الإلغاء، لم يبق إلا الوجه الثاني.

والذي يحقق هذا أنه لو قال: أنتِ طالق نصف طلقةٍ، لم يفرض ثبوتٌ وسريان، بل جعل النصف عبارة عن الكل، فإذاً ثبت الوجهان، وفائدتهما أن الرجل إذا قال لامرأته: "إن دخلت الدار [فيمينك طالق، فقُطعت يمينها، ثم دخلت الدار] (١) فإن جعلنا تنفيذ الطلاق بتقدير التسرية من الجزء المعين، لم يقع الطلاق؛ لأن التسرية تستدعي تمكيناً من أصل، [وذلك] (٢) الأصل زائل.

وإن جعلنا العبارة عن الجزء عبارة عن الكل، فالطلاق واقع، وقوله: يمناك بمثابة قوله: أنت طالق.

ولو قال لامرأته التي لا يمنى لها: يمناك طالق، فمن أصحابنا من خرّج هذا على التردد الذي ذكرناه؛ وقال: إن جعلنا ذكر الجزء كالكل، فالطلاق واقع، وإن قدرنا التسرية، لم يقع.

وهذا غير سديد في هذا المحل، والوجه القطع بأن الطلاق لا يقع؛ لأن العبارة لم تصادف معبَّراً، فكان كما لو قال لامرأته: لحيتك طالق، أو قال: ذكرك طالق.

وهذا يجب أن يكون متفقاًعليه.

ولو أضاف العتق إلى عضوٍ معيّن من عبدِه، اختلف الأصحاب فيه أيضاً على حسب ما ذكرناه في الطلاق؛ فإن تقدير تثبيت العتاق في الجزء المعيّن ليبنى عليه التسرية مستحيل، فكان العتاق فيه كالطلاق في الجزء الشائع والمعيّن. ولو قال مالك العبد: نصفك حرٌّ، فظاهر المذهب تقدير التسرية.


(١) ما بين المعقفين زيادة من صفوة المذهب جزء: ٥ ورقة: ٦ (يمين).
(٢) في الأصل: فذلك.