للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم مرتب على حكم أن ينفصل كل واحد منهما عن الثاني بزمان، وقد تبيّن أن الطلاق لم يقع قبل تمام الانفصال، فليقع مع الانفصال أو بعده.

فأما [الفصل] (١)، فكلام غير معقول، وأما ما استشهد به من قول الرجل لامرأته: أنت طالق بين الليل والنهار -وليس بينهما فاصل زماني- فالوجه عندنا القطع بأن الطلاق يلحقها في آخر جزء [من الليل أو آخر جزء] (٢) من النهار، وبذلك تكون طالقاً بين الليل والنهار.

فإن قيل: هلا قضيتم بأن الطلاق يقع في أول جزء من الليل؛ قلنا: لأن معنى وقوع الطلاق بين الليل والنهار أن تكون متصفةً بالطلاق في منقطع النهار ومبتدأ الليل (٣)، وهذا إنما ينتظم على الوجه الذي ذكرناه.

٩١٦٤ - ثم إن أصحابنا اختبطوا وراء هذا من وجوهٍ نصفها، فقال قائلون: إذا قال الرجل لامرأته الرجعية: أنت طالق مع انقضاء العدة، ففي الحكم بوقوع الطلاق قولان مبنيان على القولين في مسألة الولادة. وهذا لا شك ينطبق على مسألة الولادة، ومن أقام القولين في مسألة الولادة، التزم إقامتهما في هذه المسألة.

والذي أُنكره من قول هؤلاء أنهم قالوا: القولان في مسألة الولادة مبنيان على ما لو قال لامرأته: أنت طالق مع انقضاء العدة. وهذا كلام سخيف؛ فإن الشافعيّ نصّ على القول البعيد في الولادة، ولا نصّ له في تعليق الطلاق بانقضاء العدة، فكيف يُبنى قولٌ منصوصٌ على صورة مفرعةٍ عليه. نعم، لو قيل: هذا القول يقتضي الحكمَ بوقوع الطلاق إذا قال: أنت طالق مع انقضاء العدة. لكان ذلك وجهاً.

٩١٦٥ - ومما ذكره بعض النقلة عن القاضي: أن هذا مفرّع عليه أن الرجل إذا قال للرجعية: أنت طالق في آخر العدّة، فهل يقع الطلاق أم لا؟ فإن قلنا: في مسألة الولادة بوقوع الطلاق، وقع الطلاق في هذه الصّورة.


(١) في الأصل: المتصل. والتصويب من صفوة المذهب (نفسه).
(٢) زيادة اقتضاها السياق، على ضوء كلام ابن أبي عصرون في مختصره.
(٣) عبارة ابن أبي عصرون: "لأن معنى كونه بينهما أن تتصف بالطلاق في منقطع أحدهما ومبتدأ الثاني" السابق نفسه.