للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قلنا في مسألة الولادة المُبرئة للرّحم: لا يقع الطلاق، فلا يقع فيه إذا قال: أنت طالق في آخر العدة.

وهذا غلط صريح؛ فإن آخر العدة من العدة، كما أن آخر اليوم من اليوم، وآخر الشهر من الشهر، وقد ذكرنا العبارات الدائرة في ذكر الآخِر والأول، وإذا لاح ذلك، فإضافة الطلاق إلى جزء من العدة كيف يمتنع وقوعها؟ وأين هذا من تعليق الطلاق بالولادة المُبرئة للرحم، والعدة تنقضي بالانفصال والطلاق يقع بالانفصال، أو يترتب عليه، والانفصالُ يعقب منقَرَضَ العدة [كما يعقب] (١) السّوادُ البياض من غير تخلل خلوّ عن اللون بينهما.

وإن ظنّ الناقل أن قول القائل في آخر العدة يقتضي كون زمان الطلاق ظرفاً، ثم ظنّ أن ما كان في ظرف يجب أن يكون محتوشاً به، فهذا وهم لا يشتغل بمثله طالبُ معنىً؛ فإن الظرف الزمانيّ هو الزمن الذي ينطبق عليه ما يضاف إليه ذو الظرف، فأما الإحاطة [به] (٢)، فمن خيالات النفوس.

ومن عجيب الأمر أن هذا القائل شبَّه قول القائل: أنت طالق في آخر جزء من العدة بقول الرّجل لامرأته: أنت طالق في آخر الحيض. ثم للأصحاب وجهان في أنه هل يبدّع بهذا الطلاق.

وهذا اضطراب فاحش، وخلطٌ للأصول، فما قدمناه من وقوع الطلاق مأخوذ من مصادفة الطلاق زماناً من الرجعة، وما استشهد به هذا القائل من إضافة الطلاق إلى آخر الحيض مأخوذ من التردّد في أنا نتبع التعبّد، وقد ورد النهي عن الطلاق في الحيض، أو نستمسك بطرفٍ من المعنى، وهو اعتبار تطويل العدة، وليس في إضافة الطلاق إلى آخر الحيض تطويلُ العدة، فقد تباعد الأصلان، وبان أن الطلاق المضاف إلى آخر عدة الرجعية واقع قطعاً، وليس هو ناظراً لمسألة الولادة، فلم نتحصل من


(١) في الأصل: "كما لا يعقب" والتصويب بناء على السياق. وكلام ابن أبي عصرون (ر. صفوة المذهب: جزء ٥ ورقة ١٣ شمال).
(٢) زيادة اقتضاها السياق.