للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الأرض أبغضَ إليه من الطلاق؛ فإذا قال الرّجل للمملوك: أنت حر إن شاء الله، فهو حرّ، ولا استثناء له، وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق فيه" (١)، وروى أبو الوليد في تخريجه في الأيمان عن معدي كَرِب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أعتق أو طلّق واستثنى، فله ثُنَيَّّاه" (٢).

ولو قال أنت طالق: إن شاء زيد، توقف وقوع الطلاق على مشيئته، فإن شاء وقع، وإلا لم يقع، والاطّلاع على مشيئته منتظَرٌ كالاطلاع على سائر أفعاله وأقواله التي يفرض تعليق الطلاق بها.

٩١٦٨ - ولو قال: انت طالق إلا أن يشاء الله، فهذا فصلٌ فيه اضطرابٌ للأصحاب، والرأي في التدرج إليه أن نفرض في مقدمة الخوض في التعليق بالمشيئة تعليقاً بصفةٍ أخرى، ثم تعليقاً بنفيه، ثم نفرض التعليق على هذه [الصِّفة] (٣) بمشيئة زيدٍ، ثم نعود بعد ذلك كُلِّه، ونبيّن الحكم فيه، إذا قال: أنت طالق إلا أن يشاء الله تعالى، فنقول:

إذا قال لامرأته: أنتِ طالق إن دخل زيدٌ الدّار، فهذا طلاق متعلق ثبوته بثبوت الدخول، ولو قال: أنت طالق إن لم يدخل زيدٌ الدارَ، فالطلاق ثبوته متعلق بعدم دخول زيد الدار، والطلاق القابل للتعليق يتأتّى تعليقهُ بثبوت الصّفات، ويتأتى تعليقه بانتفائها؛ فإن التعويل على قول المعلِّق، والصفاتُ وإن أُخرجت مخرج الشروط،


(١) حديث معاذ رواه إسحاق في مسنده، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الرزاق في مصنفه: ٦/ ٣٩٠ رقم ١١٣٣١، ورواه الدارقطني: ٤/ ٣٥، والبيهقي في الكبرى: ٧/ ٣٦١، وقال: حديث ضعيف، وقال الحافظ في المطالب العالية: منقطع، وكذا البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة. (ر. المطالب العالية: ١٦٤٣، وإتحاف الخيرة المهرة: ٥/ ٧٩ حديث رقم: ٤٤٦١، ونصب الراية: ٣/ ٢٣٥).
(٢) حديث معدي كرب رواه أبو موسى المديني في ذيل الصحابة، وبمعناه رواه البيهقي من حديث ابن عباس، ولفظه: "من قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فلا شيء عليه، ومن قال لغلامه: أنت حر إن شاء الله، أو عليه المشي إلى بيت الله، فلا شيء عليه". قال الحافظ: وفي إسناده إسحاق بن أبي يحى الكعبي، وفي ترجمته أورده ابن عدي في الكامل وضعفه (ر. البيهقي: ٧/ ٣٦١، والتلخيص ٣/ ٤٣٠ ح ١٧٤٥، ونصب الراية: ٣/ ٢٣٥).
(٣) في الأصل: الصيغة.