للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن لم يدخل زيد الدار، ثم [إن] (١) مات زيد ولم ندر أدخل أم لم يدخل، فالرأي الأصحّ أن الطلاق لا يقع؛ فإنا لم ندر هل انتفى دخوله، [فالطلاقُ] (٢) متعلق بعدَمِ دخوله.

وأبعد بعض من لا بصيرة لهُ، وقال: إذا أشكل دخوله، فالأصل عدم دخوله، وهذا هذيان لا حاصل لمثلِه، فإنَّ توقع الدخول كتوقع عدم الدخول، وهما في مسلك الاحتمال متساويان، ويعارض تساويهما أن الطلاق لا يقع بالشك.

ولو قال: أنت طالق إلا أن يدخل زيد الدار، ثم مات، ولم ندر أدَخَل أم لم يدخُل، فالذي ذهب إليه الجمهور كُثرهُ (٣) أن الطلاق يقع، وإنما صاروا إلى هذا من حيث اعتقدوا أنّه نجّز الطلاق، ثم عقبه بمستدرك، فإذا لم يثبت الاستدراك، فالطلاق مقرّ على تنجيزه. وهذا عندنا خيالٌ (٤) لا حاصل له؛ فإن مضمون قوله إلا أن يدخل زيد الدار تعليق، كما أن مضمون قوله إن لم يدخل زيد الدار تعليق، وإذا لم يتحقق متعلّق الطلاق، فالوجه القطع بأن الطلاق لا يقع (٥).

وعضَدُ هذا وتأييدُه بأن نقول: لم يعلق الزوج الطلاق بأن لا يعلم دخوله، وإنما علّقه بأن لا يدخل، معلِّقاً كان أو مستثنياً.

٩١٧٠ - فإذا ثبتت هذه المقدمة، رجعنا بعدها إلى تعليق الطلاق بمشيئة شخصٍ، فإن قال: أنت طالق إن لم يشأ زيد، فمعناه في تنزيل الكلام وتقديره:


(١) زيادة من المحقق.
(٢) في الأصل: بالطلاق. والمثبت تصرف منا.
(٣) كُثره: أي معظمه، فالكُثْر: المعظم. (معجم).
(٤) كذا خيال (بالخاء المعجمة والمثناة التحتية) وأرجح أنها (خبال) بالخاء المعجمة ثم بالموحدة التحتية. حيث يُكثر من هذا اللفظ.
(٥) خالف الإمام هنا الجمهور، واستقر المذهب على رأي الإمام، قال الرافعي: "وأما الإمام، ففد اختار عدم الوقوع، وهو أوجه وأقوى في المعنى" (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٣٨).
وكذلك قال النووي: "واعلم أن الأكثرين قالوا بالوقوع فيما إذا شككنا في الفعل المعلق عليه، واختار الإمام عدم الوقوع في الصورتين، وهو أوجه وأقوى". ثم قال النووي في زياداته: قلت: الأصح عدم الوقوع، للشك في الصفة الموجبة للطلاق. والله أعلم" ا. هـ (ر. الر وضة: ٨/ ٩٨).