أنت طالق إن لم يشأ زيدٌ طلاقَك، أي إن شاء طلاقَك لم تطلقي، فكأنه علق الطلاق بأنْ لا يشاء الطلاق.
ثم ممّا يجب التنبّه له -على ظهوره- أنه إن شاء الطلاق لم يقع الطلاق؛ فإن متعلق الطلاق أن لا يشاء، ولو لم يبلغه الخبر، أو بلغه، فلم يشأ نفياً ولا إثباتاً حتى فات الأمر، وقع الطلاق؛ فإنه لم يعلِّق الطلاق بأن يشاء أن لا يطلِّق، وإنما علق الطلاق بأن لا يشاء أن يطلِّق، ثم تنتفي مشيئته بإعراضه وإضرابه، وتنتفي مشيئته بعدم الطلاق بأن يشاء الطلاق، ثم إذا شاء الطلاق، لم يقع بمشيئته الطلاق، وإنما يقع الطلاق بعدم مشيئته الطلاق.
وهذا يُحوج الناظر إلى أدنى تدبّر، وهو الذي يقفه على المقصود، وإيجاز اللفظ الكافي أنجع وأوقع في مثل ذلك.
ولو قال: أنت طالق إلا أن يشاء زيد، فمعناه كمعنى قوله: أنت طالق إن لم يشأ زيد، والتقدير أنت طالق إلا أن يشاء زيد أن لا تُطلَّق، فلا تُطلَّق.
٩١٧١ - ومما يتعلق بهذا الفنّ سؤال وجواب. فإن قيل: إذا زعمتم أن متعلق الطلاق أن لا يشاء زيد الطلاق، واعتقدتم أن عدم مشيئته متعلَّقُ الطلاق، فلو شاء الطلاق، ثم أعرضَ، أو ترك، فقد تحقق عدم المشيئة، فأوقعوا الطلاق، كما لو قال: أنت طالق إن شاء زيد، فلم يشأ زيد زمناً، ثم شاء، فإن الطلاق يقع إذا شاء، والثبوت بعد النفي كالنفي بعد الثبوت؟
قلنا: هذا وهم وذهولٌ عن دَرْك معاني الألفاظ، (فالنفي) المرسل محمول على العموم والاستدراك، ولذلك يقتضي النهيُ استيعابَ الأزمنة بالانكفاف، و (الأمرُ) على الرأي المحقق لا يقتضي التكرار واستيعابَ الأزمان بتجديد الامتثال حالاً على حال، والتنبيه في مثل هذا كافٍ.
٩١٧٢ - فإذا تبيَّن هذا، عُدنا بعده إلى ما هو مقصود الفصل: فإذا قال القائل: أنت طالق إلا أن يشاء الله، فالذي حكاه الصّيدلاني أن الطلاق لا يقع، وحكى قولاً آخر أن الطلاق يقع، وزعم أن الشيخ لم يحكه، ونقل من يوثق به عن القاضي أنه كان