للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو علق الطلاق بفعلها، فنسيت، قلنا؛ إن لم يكن عندها علم من (١) اليمين، فالرجل فارّ.

وإن كان عندها علم، وظهر من قصده أنه رام منعها عن ذلك الفعل، فإذا نسيت وفعلت، وحكمنا بوقوع الطلاق مع نسيانها، فهل نجعل الرجل فارّاً؟ هذا يحتمل: إن نظرنا إليه، فإنه لم يجرّد تطليقها، وإن نظرنا إليها، فلم يوجد منها ما يحل محلَّ سؤالها الطلاق، والأشبه أنه فارّ؛ لأنه علق الطلاق في المرض، فوقع من غير قصدها، والمعلَّق على هذا الوجه كالمطْلَق.

وممّا يتعلق بذلك أنه إذا علق الطلاق بتطعّمها، فما حدّ الحاجة؟ أنجعلها على حدّ الضرورة كالتي لا تختار الطلاق ونجعلها دون الضرورة مختارةً أم نعتبر شيئاً آخر؟ وما قولنا في التَّفِلَة (٢)؛ هذا كلام منتشر.

أما الضرورة، فلا نرعاها، فإذا أكلت أكلاً عَدَمُه يضرّ بها، فليست مختارة، وإن تلذّذت بالطعام، وذلك يضرها، فنجعلها كالمختارة، وإن تلذذت والأكل ينفعها، فيجوز أن يُلحق بجنس الطعام؛ فإن الفصل بين هذه المراتب عسر، يعجز عنه مهرة الأطباء، ويجوز أن تجعل كالمختارة فيه.

والذي أراه أن التعويل في هذا على ظنّها، فإن ظنت تطعّمَها على حدٍّ يضر تركه، فليست مختارةً -وإن كان الأمر على ضدّ ذلك- بناءً على ما مهّدتُه في النسيان.

وإن ظنت أن ذلك التطعّم مضرّ، فهي مختارة وإن كان الأمر على خلاف ما ظنت، فهذا نوع من الكلام في تعليق الطلاق.

٩١٩٦ - ومما يتعلق بتمام الكلام في هذا القولُ في تعليق الطلاق في الصحّة مع وقوعه في المرض، أو في زمنٍ يتصل بهِ، ونحن نفصِّل هذا بالمسائل.


(١) كذا في الأصل وفي صفوة المذهب أيضاًً. والمعنى -كما هو واضح- أنها ليس عندها علم عن يمين تعليق طلاقها.
(٢) التفلة: في الحديث: "وليخرجن تفلات" أي غير متطيبات، ولا متزينات.
فالتفلة التي تركت زينتها هذا معناها في الأصل، ثم استخدم هذا في معنى الزهد والتقلل، والرغبة عن الطعام.