للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: إنها ترفع الأحداث السابقة، والدمُ المساوق لها لا يعتد به حدثاًً ناقضاً، كما لا يُرى ما يجري منه في الصلاة ناقضاً لها.

ثم الأصحاب خصصوا الخلاف بالأحداث السابقة على الطهارة، وما يجري مقارناً لها، فأما ما يقع بعدها، فالطهارة لا ترفعها، ولكن تؤثر في استباحة الصلاة معها، كما يُبيح التيمم الصلاة، مع استمرار الحدث.

٤٥٩ - فإذا تبين ذلك بنينا عليه غرضنا، وقلنا: إذا توضأت المستحاضة [وجريان الدم مقارن لوضوئها] (١)، وجرت أيضاًً الأحداث بحد الوضوء، ثم شفيت، وانقطعت الاستحاضة بالكلية قبل الشروع في الصلاة، فعليها تجديد الوضوء؛ فإنا إن حكمنا بأن وضوءها لا يؤثر في رفع الحدث أصلاًً، فإنما كنا نجوّز لها أن تصلي بذلك الوضوء للضرورة، وقد زالت الضرورة. فأشبه ذلك ما لو رأى المتيمم الماءَ قبل الشروع في الصلاة، وتمكن من استعماله، فإن قلنا: يرفع وضوؤها ما سبق، ولم يُعتد بما يقارن أيضاً، فما جرى بعد الوضوء يستحيل أن يرفعه الوضوء. فإذا شفيت، لزمتها الطهارة، حتى ترفع تلك الأحداث الجارية بعد الوضوء.

٤٦٠ - ولو شُفيت عقيب الوضوء ولم يجر حدث بعده أصلاً، فالذي صار إليه أئمة المذهب، أنه يلزمها أن تتوضأ؛ فإنا وإن حكمنا بارتفاع الأحداث المتقدمة على الوضوء، فيستحيل أن نحكم بارتفاع ما قارن الوضوء منها؛ فإن الوضوء إنما يرفع حدثاًً متقدماً على أوله.

وقال بعض من لا مبالاة به: إذا حكمنا بأن الوضوء يرفع الحدث السابق، فيلزم على مساقه ألا نجعل ما يقارن الوضوء حدثاً، فعلى هذا إذا انقطع عقيب الوضوء، واتصل الشفاء، لم يلزمها الوضوء؛ فإنّ الأحداث السابقة قد ارتفعت، والمقارن لم يكن حدثاًً معتداً به، ولم يجر بعد الوضوء حدث، فلا يلزم تجديد الوضوء. وهذا لا يعد من المذهب.


(١) الزيادة من: (ت ١)، (ل).