للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤٧٥ - ومما نُلحقه بهذا: أن الاعتبار في القوة والضعف باللون المجرد في الدم، فليُفهم ذلك (١)، وإن ورد في الخبر صفاتٌ أخرى سوى اللون، من أنه محتدم، ذو دفعات، له رائحة تعرف.

وقد قطع به الصيدلاني، وهو متفق علَيه في الطرق، حتى لو رأت خمسةً سواداً مع الرائحة المنعوتة، وخمسة سواداً بلا رائحة، فهما دم واحد وفاقاً، وكذلك لا نظر إلى المتانة والرقة والخثورة، وإنما المعتبر اللون فحسب، فليثق الناظر بذلك.

٤٧٦ - ولو رأت أولاً خمسة شقرة، ثم خمسةً سواداً أو حمرةً قانية، ثم شقرةً إلى آخر الدور، فالدم في أول الدور ضعيف، ولكن موضعه وأوليته قد تقوِّيه في ظن الفقيه، والدم الثاني قوي في صفته، ولكنه متأخر عن وقته المعتاد غالباً، فاضطرب الأصحاب لذلك.

وأنا أرى أن أرسم صوراً، وأذكرَ مذاهب الأصحاب فيها، ثم أختمَها بما يضبط مأخذ الطرق.

٤٧٧ - صورة: فإذا رأت أولاً خمسة شقرة، ثم خمسة سواداً، ثم استمرت الشقرة، ففي هذه الصورة وجهان مشهوران: أحدهما - أنه يتبع الدم القوي على ما يوجبه التمييز، فنحيّضُها في الخمسة الثانية، ونجعل الخمسة الأولى دم فساد سابق على أول الدور، وهذا قياس التمييز.

والوجه الثاني: نحيّضُها في الخمسة الأولى والثانية جميعاًً، أما الخمسة الثانية، فإنها على نعت الحيض وقوته، وأما الأولى فمتقوية بالأولية، والغرض اتباع القوة، والجمع بينهما جميعاًً ممكن.

وحكى المحاملي في (الوجهين والقولين) وجهاً ثالثاًً، من أجوبة ابن سُريج: وهو أنها فقدت (٢) التمييز في الصورة التي ذكرناها؛ فإن النزول عن أول الدور بعيد،


(١) في هامش (ل) ما نصه: "قال في التتمة: معنى التمييز أن ترى الدم مختلفاً، بعضه أقوى من بعض، والقوة والضعف تتبين بثلاثة أشياء: اللون، والثخانة، والرائحة".
(٢) في (ل): تُسقط التمييز.