للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو كانت المرأة فاركة (١) زوجَها مُناها أن يهاجرها، فالإيلاء في حقها كالإيلاء في حق [الوامقة] (٢)، والتي لا أرَب لها في الرجال [كالمتشوفة] (٣).

فهذا بيان الأصل.

٩٤٤٠ - ولو قال: "لا أصبتك [متى] (٤) شئتِ". قال الإمام (٥): هذه اللفظة محتملة، ويُرجع فيها إلى قوله: فإن قال: أردت بذلك تعليق اليمين على مشيئتها، حتى إذا شاءت، انعقدت اليمين والإيلاء، فالأمر كذلك، والفرق بين قوله: إن شئتِ وبين قوله متى شئتِ أن قوله: إن شئتِ يستدعي جوابها على الفور على ظاهر المذهب، وقوله متى شئت يقبل التأخير، كما قدمناه في مسائل الطلاق.

فإن قال الزوج: أردت بقولي: "لا أجامعك متى شئتِ" أني إنما أجامعك إذا


(١) ت ٢: تاركة. وفاركة من الفِرْكة، وهي البغضة بين الزوجين خاصة. وفعلها: فرك (بكسر العين) يفرك (بفتح العين) (المعجم).
(٢) الوامقة: المحبة من ومِق (بكسر العين) في الماضي والمضارع. ومْقاً ومقة. (المعجم).
(٣) ومعنى العبارة أن الإيلاء يستوي فيه كارهة زوجها التي تتمنى أن يهجرها ولا يقربها، والتي قعدت بها السن، فلم يعد لها أرب في الرجال يستوي ذلك مع المتشوفة والوامقة العاشقة.
(٤) في الأصل: حتى.
(٥) قال الإمام: المراد هنا والده الشيخ أبو محمد، كما صرح بذلك أحياناً، وقد اعتبر الرافعي رضي الله عنه أن لفظ الإمام هنا يراد به إمام الحرمين نفسه، كذا يفهم من عبارته في الشرح الكبير، حيث قال: "قال الإمام: ولو قال: لا أجامعك متى شئت، وأراد أني أجامعك متى أردتِ، فلا يكون مولياً، وإنما هو إعرابٌ عن مقتضى الشرع وحلف عليه ... " وقد تابعه النووي في الروضة، فحكى ذات المسألة على هذا النحو. وظني أنه وهم من الشيخين الجليلين حيث ظنا أن كلمة (قال الإمام) هي من كلام ناسخ (النهاية) وليس من كلام مؤلفها، مع أن هذا غير معهود أبداً في (النهاية).
ويؤيد ما أقول ويجعله قريباً من الجزم أن ابن أبي عصرون في مختصره (صفوة المذهب) حكى المسألة بلفظ: (قيل) وهو يلتزم عبارة الإمام وألفاظه، لا يكاد يخرج عنها، فلو كان هذا من كلام الإمام ما قال فيه (قيل) وإنما يقول ذلك فيما يحكيه الإمام عن غيره، إذا لم يصرّح بذلك الغير.
(ر. الشرح الكبير: ٩/ ٢٢٢، والروضة: ٨/ ٢٤٤، وصفوة المذهب: ٥/ ورقة: ٧٦ يمين).