للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يبهم القاضي الطلاقَ، دلّ أنه فرض المسألة في اطراد الإشكال، وإذا كان كذلك، فلا تصح الدعوى من واحدةٍ منهما، وهي [معترفة بأنها] (١) لا تدري أن الزوج عناها أم لا، وهذا بمثابة ما لو قال رجلان: لأحدنا عليه ألفُ درهم، فالدعوى لا تسمع على هذا الوجه، إلا أن تكون مجزومةً، وكذلك لو قالت امرأة: آلَى عنّي زوجي أو ضربني، أو قالت: آلَى عني أو شتمني، فلا تسمع الدعوى على هذا الوجه.

وهذا الاعتراض متجهٌ جداً، والعجب أن الشيخ أبا علي مع انبساطه في الإتيان بكل ما قيل، وهو من أقدم أصحاب القفال، نقل جواب ابن الحداد، ولم يورد اعتراض القفال عليه، ولم يعترض هو من تلقاء نفسه، وأخذ يفرع (٢) على مذهب ابن الحداد بما سنذكره.

فإن قيل: هل يتوجه مذهب ابن الحداد؟ قلنا: نعم، الممكن فيه أن المرأتين إذا اعترفتا بالإشكال، فالضرار قائم على الإبهام، فإذا امتنع عن الفيئة، فلا سبيل إلى إهمال الواقعة، ولا سبيل إلى تعيين الطلاق، فلا ينطبق على صورة الحال إلا ما ذكره. هذا هو الممكنُ، ثم إذا وقع الطلاق من جهة القاضي مبهماً، فالتعيين إلى الزوج، فإن كان عين بقلبه واحدة، صادفها الطلاقُ، فعليه التبيين، وإن لم يعين بقلبه واحدةً عند إبهام الإيلاء، فعليه التعيينُ الآن للطلاق.

٩٤٥٠ - فلو قال: ارتجعت من طلقت، فهل تصح الرجعة على الإبهام؟ فعلى وجهين ذكرهما الشيخ أبو علي: أحدهما - أنها تصح بناء على الطلاق.

والثاني - لا تصح؛ فإن الرجعة استحلال مضاهٍ لعقد النكاح، فلا يليق بها الإبهام؛ إذ الإبهام يناظر التعليق، فما لا يصح تعليقه لا يصح إبهامه، ولذلك أثرت الجهالة في صحة الإبراء [لمّا] (٣) امتنع تعليقه، وهذا هو السديد. وإن قلنا: تصح الرجعة مبهمةً، فلا كلام، وإن قلنا لا تصح، فالوجه أن يعيّن المطلقة أولاً. ثم يبنى على تعيّنها الرجعةَ.

...


(١) في الأصل: معترضة فإنها.
(٢) ت ٢: يفرض.
(٣) في الأصل: كما.