فالوجه أن نفرِّع على أن الظهار يتعدد [بتعدد](١) الكلم إذا قَصَد مُطْلِقها الاستئنافَ والتجديدَ.
٩٥٣٠ - ثم إذا أتى بهذه الكلم المتواصلة على قصد التجديد والاستئناف، فلا يخلو إما أن يطلِّق عقيب الفراغ منها، وإما ألا يطلق، فإن طلق، فهل نجعله عائداً في الظهار الأول؛ بسبب الاشتغال بالظهار الثاني أم كيف الوجه؟ في المسألةِ وجهان: أحدهما - أنه يكون عائداً في كل ظهار يسبق إذا اشتغل بظهار بعده؛ فإنه بالاشتغال بالظهار يكون تاركاً للطلاق، وهذا أقيس الوجهين في صورة التجديد.
والوجه الثاني - أنا لا نجعله عائداً، فإن كل ما يأتي به جنسٌ واحد؛ وإن كان له حكم التجديد، فما لم يفرغ عن هذا الجنس لا نجعله عائداً.
وهذا ضعيف عندنا، ولكن حكاه القاضي وغيرُه، والوجه أن يرتب على صورة التكرير والتأكيد، فإن جعلنا المؤكِّد عائداً، فلأن نجعل المجدد عائداً أولى.
وإن قلنا: لا يكون المكرر المؤكِّد عائداً، ففي المسألة وجهان، والفرق أن التأكيد في حكم الجزء من الكلام المؤكَّد، فكأنْ لا فراغَ عنه ما لم ينقض التأكيد، وأما التجديد، فمن ضرورته قطعُ الكلام الأول واستئنافُ آخر.
فإذا فرعنا على الأصح، نظرنا في عدد الألفاظ، وجعلنا كلَّ لفظة عَوْداً في التي قبلها، ثم نظرنا إلى اللفظة الأخيرة؛ فإن استعقبت سكوتاً، فقد تحقق العَوْد فيها أيضاًً، فيجب الكفارةُ بأعداد الكلم، وإن عقب الكلمة الأخيرةَ بالطلاق، فلم يَعُد فيها، فلا كفارة عليه بسببها، وتجب الكفارات بأعداد الكلم التي قبلها. فإذاً أوضحنا أنه صار عائداً فيها على الأصح، هذا إذا واصل الكلام ونوى به تأكيد أو تجديداً.
فأما إذا أطلق الألفاظ، ولم ينو تأكداً ولا تجديداً، ففي المسألة قولان كالقولين في نظير هذه المسألة من مسائل الطلاق، فإن قلنا: إن الألفاظ محمولةٌ على التأكيد، فقد مضى حكم التأكيد. وإن قلنا: إنها محمولة على التجديد، فقد مضى حكم التجديد، وكل ذلك والألفاظ متواصلة.