للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذهب داود إلى أن العَوْد تكرير كلمة الظهار، وهذا ركيكٌ لا أصل له.

وذهب الزهري ومالك (١) في إحدى الروايتين إلى أن العَوْد هو الوطء، وهذا المذهب فيه استيضاح (٢) حقيقة المعنى، فإن قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُون} [المجادلة: ٣] معناه ثم يناقضون ما كان منهم؛ فإن الظهار مقتضاه التحريم، فإذا جرى شيء يخالفه ويناقضه، فهو الذي فهمه العلماء من العود، وهو بمثابة قول القائل: قال فلان قولاً وعاد فيه، أي يُتبعه بما يخالفه.

ثم من فهم هذا على الصحة، اختلفوا فيما يقع [به] (٣) المخالفة، فذهب الزهري ومالك إلى أن المخالفة تقع بالوطء لا غير.

وقال أبو حنيفة (٤) في رواية، ومالك في رواية: العَوْد هو العزم على الوطء.

والرواية الصحيحة عن أبي حنيفة وعنها يذبُّ أصحابُه وبها يُفتون أن الكفارة لا تستقر في الظهار استقرار اللزوم (٥)، وإنما هي مشروعة للاستحلال، فإن كفّر، استحلّ، وإن وطىء قبل التكفير (٦) عصى ربَّه، ولم تستقر الكفارة أيضاًً، بل التحريم باقٍ إلى أن يكفر.

وهذا وإن اختاروه مضطربٌ؛ سيّما على أصلهم؛ فإن الكفارة لا تقدّم على وجوبها، وهذا الذي ذكروه تكفير قبل الوجوب.

والمذهب الصحيح للشافعي أن العَوْد هو أن يمسكها عقيب الفراغ من الكلمة زماناً يتمكن فيه من الطلاق، فإذا فعل ذلك ولم يطلق، فقد أمسكها زوجةً، وإمساكُها زوجةً في لحظةٍ يناقض ما اقتضاه الظهار من التحريم.


(١) ر. الإشراف: ٢/ ٧٧٢ مسألة ١٤٢٩، عيون المجالس: ٣/ ١٢٦٩ مسألة ٨٨٧.
(٢) (ت ٢): استفتاح.
(٣) في الأصل: فيه.
(٤) ر. مختصر الطحاوي: ٢١٣، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٤٨٥ مسألة: ١٠٢٠، المبسوط: ٦/ ٢٢٤، ٢٢٥.
(٥) (ت ٢): الزوج.
(٦) عبارة (ت): هي مشروعة للاستحلال، فإن وطىء قبل التكفير عصى ربه.