للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحملُ على الوطء [بعيدٌ] (١)، فإنه تعالى ذكر الظهار والعَوْد، ثم قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣]، فأشعر هذا بكون الظهار والعود متقدمَيْن على التماسّ، وقد قيل: للشافعي قولٌ في القديم أن العود هو الوطء، وهذا إن صح، فهو في حكم المرجوع عنه، ولا معوّل عليه.

ثم إذا ظاهر الرجل، ولم يطلّق، حتى مضى زمانٌ يسع التطليق، فقد عاد، واستقرت الكفارةُ، فلو تلفظ بالظهار ومات هو عقيبه أو ماتت، فلا كفارة؛ فإن الإمساك لم يتحقق، وأيس (٢) من العود.

ولو طلقها، فالطلاق ينافي العود، فلا تجب الكفارة، ثم لو راجع بعد الطلاق الرجعي، أو جدد النكاح بعد الطلاق المبين، فسنفردُ في ذلك فصلاً؛ فإنه عمدةٌ (٣) الكتاب.

ثم ذكر المزني كلاماً لا يليق بهذا المحل، فنذكره ثم نعود إلى ما وعدناه (٤) من تفصيل الطلاق والرجعة والنكاح.

٩٥٣٥ - قال الشافعي: "معنى قوله سبحانه: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] وقتٌ لأن يؤدي فيه ... إلى آخره" (٥).

أراد بذلك أن المظاهر يحرم عليه الجماع حتى يكفّر، فإن كان يكفر بصوم الشهرين المتتابعين، فحرام عليه أن يمَسها حتى يستكمل الصيام، فلو جامعها نهاراً في الشهرين فسد الصوم، وانقطع التتابع، ولزم استئناف صوم الشهرين، وتحريم الجماع ممتدٌّ، وليس هذا من خاصية الجماع، بل لو أفطر في اليوم الأخير من غير عذرٍ، على ما سيأتي التفصيل فيما يقطع التتابع وفيما لا يقطعه -فالحكم ما ذكرناه من فساد الكفارة ووجوب العود إلى استئناف الصوم، فلو كان يكفر بصوم الشهرين، فوطىء التي ظاهر


(١) في الأصل: بعقدٍ.
(٢) (ت ٢): وليس.
(٣) (ت ٢): غمرة الكتاب.
(٤) (ت ٢): ثم نعود إلى ما ذكرناه من تفصيل الطلاق.
(٥) ر. المختصر: ٤/ ١٢٤.