للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] محمول على الوطء، فالمس في هذه الآية كناية بلا خلاف، وهي فيما عداها من الآي على التردد والاختلاف، كآية الملامسة، وكآية الظهار التي نحن في ذكر معناها.

٩٥٣٧ - ثم نجمع في هذا كلاماً ضابطاً، إن شاء الله، فنقول: كل ما يُحرّم الوطءَ من جهة تأثيره في الملك، فلا شك أنه يُحرِّم سائرَ جهات الاستمتاع، كالطلاق، وما لا يحرّم الملك ويُقصد به استبراء الرحم عن الغير، فهو يحرّم جهات الاستمتاع بجملتها، كالعدة تجب في صلب النكاح عن وطء الشبهة، فإنها تتضمن التحريم من كل الوجوه.

وكل ما يبيح المرأة لشخصٍ، فلا شك أنه يحرمها على غيره من الوجوه كلها، كالنكاح في الأَمَة.

وكل تحريم يرجع إلى الأذى كالحيض، فهو مقطوع به في محل الأذى، وهو الوطء، ولا يثبت فوق السرة وتحت الركبة، وفي ثبوته دون السرة وفوق الركبة مع توقي الوقاع الخلافُ المعروف.

ثم من أصحابنا من حمل هذا الخلافَ على [التحويم] (١) على الحمى، وخشية الوقوع فيه.

ومنهم من حمله على غلبة الظن في الأذى في المحل القريب.

والعبادة التي حرُم الجماع فيها تنقسم إلى الإحرام، والصوم، والاعتكاف، فأما الإحرام، فإنه يحرّم التقاء البشرتين من كل وجه، وهذا تعبُّدٌ لا نلتزم تعليلَه.

وأما الصوم، فيحرُم الوقاعُ فيه، وكل ما يُخشى منه الإنزال، فهو محرم، وفيه تفصيل طويل ذكرته في موضعه من كتاب الصيام، وأما التلذذ مع الأمن من الإنزال، فالصحيح أنه لا يحرم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّل، وهو صائم.

ومنهم من قال: التلذذ حرام من الصائم، وإنما نُبيح القُبلة والجسَّ ممّن لا يتلذّذ.


(١) في النسختين: التحريم.