للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الخلاف نشأ من تقييد العتق والصيام بالمسيس، فإنه تعالى قال: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣]، وقال في الصوم: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤] ولما ذكر الإطعام لم يقيده بالتّماسّ، فقال أبو حنيفة: يتقيّد ما قيّده ولا يتقيد ما أرسله، ورأى الشافعي حمل المطلق على المقيّد، سيّما إذا اتحدت الواقعة.

فصل

قال: "ولو تظهّر، ثم أتبع الظهار طلاقاً ... إلى آخره" (١).

٩٥٤١ - هذا هو الفصل الموعود، وبه يظهر سر العود، وفيه نذكر عَوْد الحنث في الظهار، فالله المستعان.

فنقول أوّلاً: من ظاهر عن امرأته وعاد، فإن أمسكها في زمان إمكان الطلاق، فقد لزمت الكفارة، واستقر لزومها، ثم كما استقرت الكفارة استقر التحريم المرتبط به (٢)، فلا يزول التحريم إلا بالتكفير، ومن أثر ذلك أنه لو ظاهر وعاد، ثم أبان زوجته، ثم نكحها، فهي محرّمة عليه، سواء قلنا بعود الحنث أو لم نقل به، لما حققناه من استقرار التحريم، وتعلقِ زواله بتبرئة الذمة عن الكفارة، فلا خلاص من الكفارة إلا بأدائها، ولا انتهاء للتحريم إلا بالتكفير، حتى قال المحققون: إذا ظاهر


= اختلاف العلماء (٢/ ٤٩٨ مسألة ١٠٤١): "قال أصحابنا: لا يجامع حتى يُطعم، إن كان فرضه الإطعام". وقال السرخسي في المبسوط: (٦/ ٢٢٥): "وإن كانت كفارته بالإطعام، فليس له أن يجامعها قبل التكفير عندنا". ا. هـ. وقال الكاساني في البدائع (٣/ ٢٣٤): "ويستوي في هذه الأحكام جميع أنواع الكفارات كلُّها من الإعتاق والصيام والطعام، أعني كما أنه لا يباح له وطؤها والاستمتاعُ بها قبل التحريبر والصوم، لا يباح له قبل الإطعام" ا. هـ. وقال المرغناني في الهداية عند قول صاحب البداية (وكفارة الظهار عتق رقبة، وكل ذلك قبل المسيس) قال في الهداية: وهذا في الإعتاق والصوم ظاهر للتنصيص عليه وكذا في الإطعام؛ لأن الكفارة فيه منهية للحرمة، فلا بد من تقديمها على الوطء ليكون الوطء حلالاً. (الهداية مع فتح القدير: ٤/ ٢٥٨).
(١) ر. المختصر: ٤/ ١٢٥.
(٢) به: أي بالتكفير.