للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعاد، ثم اشترى التي ظاهر عنها، فلا يستحل وطأها بملك اليمين ما لم يكفر، هذا هو المذهب الظاهر، وفيه وجه بعيد ذكرته فيما تقدم.

هذه مقدمة مهدناها، ونخوض بعدها في بيان غرض الفصل.

٩٥٤٢ - فإذا ظاهر وطلق على الاتصال، فلا يخلو إما أن يكون الطلاق رجعياً، وإما أن يكون الطلاق بائناً، فإن كان الطلاق رجعياً، فهذا (١) يمنع حصول العَوْد، فإذا لم يحصل العود، لم يلتزم الكفارة أصلاً، فإن راجعها وأمسكها صار عائداً، واختلف أصحابنا في أنه هل يصير بنفس [الرجعة] (٢) أم بالإمساك بعدها؟ وهذا مما قدمنا ذكره، وظاهر النص يدل على أن نفس الرجعة عوْدٌ، وهو القياس؛ فإن العود مخالفةٌ [لمقتضى] (٣) الظهار، وإذا كان إمساك ساعة مناقضاً للظهار، فالرجعة أولى بأن تكون مناقضة للظهار.

ومن فوائد (٤) الوجهين أنا إن جعلنا نفسَ الرجعة عوْداً، فلو راجعها، ثم طلقها على الاتصال بالرجعة، فقد استقرت الكفارة بالظهار والعوْد وهو الرجعة، ولا أثر للطلاق بعد ذلك، وإن لم نجعل نفسَ الرجعة عوداً، فلو طلقها عقيب الرجعة، فهو غيرُ عائد، والكفارة غيرُ لازمة، هذا إذا كان الطلاق رجعياً.

فأما إذا كان الطلاق بائناً، أو كان رجعيّاً فتركها حتى انسرحت بانقضاء العدة، فإذا جدّد النكاح عليها، فقد قال الأصحاب أولاً: هل يعود موجَب الظهار في النكاح الثاني على ما نفصله؟ قالوا: هذا يبتني على عَوْد الحنث، وفيه قولان منسوبان إلى الجديد والقديم، ثم بنَوْا عليه أنا إذا قلنا بعوْد الحنث، فالنكاح كالرجعة، فإن أمسك بعد النكاح، فقد عاد، ولزمت الكفارة الآن، وهل يكون نفس النكاح عوداً؟ فعلى


(١) لا يصح أن يفهم من هذا أن الطلاق الرجعي وحده هو الذي يمنع العود، بل البائن من باب أولى، كما سيأتي تفصيله.
(٢) في الأصل: الرجعية.
(٣) في الأصل: يقتضي.
(٤) المراد بفوائد الوجهين ما يعبّر بأثر الخلاف، أي ما يترتب على الفرق بين الوجهين، وقد ظهر هذا في المثالين الآتيين.