للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا وجهٌ في الرد على هذا الطرف.

وأما الوجه الثاني - فهو أنا لم نتعبد بتحقيق التحريم ومطابقة الجاهلية، فلا ينبغي أن يكون ذلك مظنونَ فقيهٍ، ولو كان من غرض الشرع تحقيقُ الفراق، لأدام حكم الجاهلية في أن الظهار طلاق.

بقي الطرف الآخر، وهو سؤال السائل في أن الكفارة ينبغي أن تُلْتزم في النكاح الثاني قولاً واحداً، وهذا موضع التوقف، ولكن تحريم الظهار وثبوت الكفارة من خصائص النكاح؛ إذ لا يفرض [الظهار] (١) في مملوكة، وإن كان تحريم عين (٢) المملوكة في إيجاب كفارة اليمين كتحريم عين المنكوحة، فإذا استدعى ابتداءُ الظهار نكاحاً، يجوز أن يستدعي العودُ النكاحَ الذي جرى الظهار فيه؛ فإن الظهار مع اقتضائه -من حيث الصيغة- التحريمَ اختص بالنكاح دون ملك اليمين، وإن كانت المملوكة تُسْتَحَلُّ وتَحْرُم بأسباب، وتَحْرُم التحريمَ المقتضي للكفارة، فيجوز أن يتقيد مُطلَقُه بالنكاح الذي جرى فيه، كما (٣) أن قول القائل لامرأته: "إن دخلت الدار، فأنت طالق"، فهذا من جهة الصيغة مسترسل؛ فإذا ارتفع النكاح وبقي الطلاق المعلق، فإن المرأة تعود ببقية الطلاق، ومع هذا جرى قولا عوْد الحنث، فكذلك أجرَوْا حكم العود ولزوم الكفارة على قولَيْ عوْد الحنث.

وإنما ينتظم الكلام بذكر مراتب لا بد من التنبّه لها:

المرتبة الأولى لتعليق الطلاق - فإنه يُعلِّق ما يملكه في ذلك النكاح، فإذا انبتَّ ذلك النكاح، ثم فُرض عودٌ، جرى قولا عَوْد الحنث في أوانهما حقَّ الجريان.

والمرتبة الثانية -للإيلاء- فإنه يمين لا يستدعي نكاحاً، ولكن لما تعلّق به طلب الطلاق، انتظم فيه عَوْدُ الحنث والتخريجُ على القولين، ولعل الأظهر العودُ.

والظهار ليس طلاقاً ولا يُفضي إلى طلب طلاق، ولكنه تحريم يختص بالنكاح،


(١) زيادة من (ت ٢).
(٢) (ت ٢): غير.
(٣) (ت ٢): كما حكمنا أن قول القائل.