للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السيد إذا أعتقه، فهل يستتبع اكسابَ والأولادَ، وفيه اختلاف وتردد، سيأتي، إن شاء الله في الكتابة.

فإن قلنا: إنه لا يستتبع، فالإعتاق فسخٌ للكتابة الفاسدة، فينفذ عن الكفارة إذا نواها المعتِق.

وإن قلنا: يستتبع المكاتبُ الأكسابَ والأولاد، فعلى هذا الوجه في انصرافه إلى الكفارة خلافٌ، مبني على المعاني التي قدمناها؛ فإن وقع التعويل في الكتابة الصحيحة على نقصان الرق، أو على نقصان العتق، فهذا العتق منصرف إلى الكفارة؛ فإن الرق كامل، والعتق لا يتضمن إبراء الذمة عن عوض واجب، وإن عولنا في الكتابة على وقوع العتق عن جهة الكتابة، فلا ينصرف العتق في الفاسدة إلى جهة الكفارة لوقوعها عن جهة الكتابة.

٩٥٦٤ - ثم قال: "ولا تجزىء أمُّ ولد في قول من لا يبيعها ... إلى آخره" (١).

ظاهر هذا الكلام، يوهم تعليق القول في بيع أمهات الأولاد، وقد فهم المزني التعليق واختار منع البيع، ولم يحتجّ في اختياره إلا بنصوص للشافعي رحمه الله، قطع فيها بمنع البيع، وسكوتُه عن الاحتجاج بمعنىً ومسلكٍ في النظر من أصدق الشواهد على عظم قدره؛ فإنه لا يكاد يظهر معنىً في منع بيع المستولدة.

وقال بعض الأصحاب لم يردّد الشافعي قولَه، وإنما أشار إلى مذهب بعض السلف، وقد روي عن علي كرم الله وجهه في آخر العهد أنه قال ببيع أمهات الأولاد، وذكر في أثناء خطبة: "اجتمع رأيي ورأي عمر رضي الله عنه على أن أمهات الأولاد لا يُبَعْن، وأنا أرى الآن أن يبعن، فقام عبيدة السَّلماني، فقال: رأيك مع الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك" (٢).


(١) السابق نفسه.
(٢) حديث الإمام علي رضي الله عنه في بيع أمهات الأولاد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٧/ ٢٩١، رقم ١٣٢٢٤) والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٣٤٣، ٣٤٨). وانظر التلخيص ٤/ ٤٠٣ تحت رقم ٢٧٤٢، وهو آخر حديث في الكتاب.