للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من أجرى في بيعهن قولين [على الإطلاق] (١)؛ بناء على أن الإجماع هل يشترط فيه انقراض أهل العصر (٢)، فإن وقع التفريع على القول البعيد، فإعتاقها جائز عن الكفارة، ولا حكم للاستيلاد، وكان رحمها ظرفاً احتوى على مولود، ثم نفضه، ولا تَعتِق بالموت.

وإن وقع التفريع على ما يجب القطع به، فإعتاقها لا يجزىء عن الكفارة، فإنها مستحقة العتاقة، وأبو حنيفة وافق في هذا، وإن أجاز إعتاق المكاتَب عن الكفارة.

٩٥٦٥ - ثم قال: "وإن أعتق مرهوناً، أو جانياً، أو غائباً ... إلى آخره" (٣).

قد مضى القول في إعتاق الراهن العبدَ المرهونَ، وحظُّ هذا الكتاب منه أنا إن نفذنا عتق الراهن، قضينا بانصرافه إلى كفارته، إذا نوى صرفَه إليها.

فإن قيل: أليس نقصان الملك يمنع صرفَ العتق إلى الكفارة، ونقصانُ الملك وكماله يمتحنان بالتصرفات نفوذاً ورداً، قلنا: الملك في المرهون كامل، فإذا فرّعنا على نفوذ العتق، فهذا يتضمّن فكّ الرهن، ولا مانع سوى استيثاق المرتهن، فإذا كان في تنفيذ العتق ردُّه، فيصادف العتقُ ملكاً مفكوكاً عن الرهن، وليس كذلك عتق المكاتب، فإنه يقع على حكم الكتابة.

وعتق الجاني يُخرَّج على هذا، وقد اختلف القول في بيعه، ثم اختلف القول -على منع البيع- في عتقه، فإن نفذنا العتقَ، جوّزنا صرفَه إلى الكفارة.

٩٥٦٦ - ثم قال: "وإن أعتق عبداً له غائباً ... إلى آخره".

يجوز إعتاق العبد الغائب عن الكفارة إذا لم تنقطع الأخبار، فإن انقطعت الأخبار انقطاعاً يُغلِّب على القلب أنه أصابته آفةٌ هلك فيها، وذلك بأن لا نجد


(١) زيادة من (ت ٢).
(٢) يشير بهذا إلى تغير اجتهاد الإمام علي بعد موت عمر -رضي الله عنهما- وكان الإجماعُ قد استقر في عهد عمر على عدم جواز بيعهن. راجع اشتراط قضية انقراض المجمعين وهل تشترط في حصول الإجماع في (البرهان في أصول الفقه: ١/فقرة: ٦٤٠ - ٦٤٣) - وهو من تأليف إمام الحرمين، ومن تحقيقنا.
(٣) ر. المختصر: ٤/ ١٢٩.