للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصل الملك للمستدعي، فيتم اللفظ ويعتِق ملكَ المستدعي. وكل ذلك تبيُّنٌ يقع الحكم به بعد الفراغ من اللفظ؛ فإنه لو شرع في اللفظ، ثم بدا له، فلم [يكمله] (١)؛ فلا يحصل نقل الملك.

والوجه الثالث -حكَوْه عن أبي إسحاق المروزي- أنه قال: يحصل الملك والعتق معاً عند الفراغ من اللفظ، وهذا ليس بدعاً منه، وقد حكينا من أصله هذا المذهبَ فيه إذا اشترى الرجل من يعتِق عليه، ومذهبه في شراء القريب أبدع وأبعد؛ فإن تقدير الملك للحكم بانعقاد العقد لا غموض فيه.

وحكَوْا وجهاً رابعاً عن الشيخ أبي حامد أنه قال: إذا فرغ من لفظ الإعتاق، حصل الملك بعده في لحظة لطيفة، ثم ينفذ العتق مترتباً عليه، وذلك في وقتين لا يُدرَك بالحسّ تفصيلُهما.

وذكر شيخي وجهاً خامساً، وغالب ظني أنه حكاه عن القفال، وهو أن الملك يحصل مع آخر اللفظ والعتقُ بعده.

٩٥٧٤ - هذا كلامُ الأصحاب، وهو مشكلٌ كما قال القاضي، وسبب إشكاله أنه لم يقع تملّك ولا تمليك من طريق اللفظ، وإنما نُضطر إلى تحصيله ضمناً، ثم حصل (٢) ضمناً لنقيض الملك، ولا حصول إلا باللفظ، ولا حكم للفظ ما لم يتم، وكل من صار إلى تقديم الملك على اللفظ، فليس من الفقه على شيء، وليس هذا كقولنا: إذا تلف المبيع في يد البائع، تبينا انتقال الملك فيه إلى البائع وتلفَه على ملكه، فإن قال قائل: التلف هو الذي يوجب هذا، فكيف يقدّم الموجَب على الموجِب؟ قلنا: إن قُدّر مثلُ هذا في الواقعات التي لا ترجع إلى الألفاظ، لم يكن ذلك بدعاً في وضع الشرع، فأما ثبوت حكم اللفظ قبل اللفظ، فلا وجه له.

وكل ما ذكرناه قبلَ الوجه المحكي عن الشيخ أبي حامد فلا وجه له، وأما ما ذكره الشيخ أبو حامد، فإنه أثبتَ حكمَ اللفظ بعده، غيرَ أنه يدخل عليه أمر ضروري


(١) في النسختين: يكلمة.
(٢) (ت ٢): ثم حصل ضمناً ليفتقر الملك.