للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوِلاء، وليس هذا [بتجويز] (١) الإفطار، فإن المرض يقتضيه، ولو مَنَعْنا من الفطر، كان إرهاقاً عظيماً، والذي نحن فيه ليس من قبيل المنع والجواز، وإنما هو نظرٌ في الاعتداد والاحتساب، هذا قولنا في المرض.

فأما إذا سافر، وأفطر بعذر السفر، فقد ذكر أصحابنا في ذلك قولين مرتبين على القولين في المرض، وجعلوا الإفطار بعذر السفر لقطع التتابع أولى، والرأي الظاهر أن التتابع ينقطع؛ فإن تجويز الإفطار بعذر السفر رخصة لا تناط بمشقة ولا حاجة، فكيف يجوز أن يعدّى بمثل هذه الرخصة موضعها ومحلّها.

٩٥٩٨ - ومما يجب التفطّن له أنا لو روجعنا، فقيل لنا: الخائض في صوم الشهرين هل يجوز له أن يتركه عازماً على أن يبتدىء صومَ شهرين بعد هذا (٢)، من غير عذر؛ فإنه يجوز له تأخير الكفارة قبل الخوض، فهل يخرّج اختيار قطع الوِلاء تعمّداً على تجويز تأخير الكفارة؟

هذا فيه احتمال ظاهر: يجوز أن يقال: له أن يفعل هذا بأنْ لا ينوي صومَ غده، فأما إذا خاض في صوم يومٍ، فيبعد أن يتسلط على إبطاله، فأما ترك الصوم في بقية الشهرين، فليس اعتراضاً منه على عبادة بالإفساد.

ويتجه أن يقال: ليس له ترك الوفاء بالتتابع؛ فإن ما قدمه يخرج عن الفرضية (٣)، فيكون معترضاً على فرضٍ بالرفع، ويقوَى هذا على قولنا ببطلان (٤) الصوم تبيناً (٥).


(١) في النسختين: كتجويز. والمثبت تصرّف من المحقق. والمعنى ليس قطع التتابع هذا بتجويز الإفطار، إنما هو من جهة الاعتداد بالتتابع والتقطع.
(٢) القضية التي استفتحها الإمام بهذه الفقرة هي تحريم إبطال الأعمال بعد انعقادها والشروع فيها، وهل قَطْعُ التتابع، وترك الاستمرار في أداء الكفارة، عزماً على استئنافها في وقت آخر، هل هذا يدخل في باب إبطال الأعمال فيحرم أم لا؟ ينبني هذا على اعتبار صوم الشهرين عبادة واحدة أم كل يوم عبادة مستقلّة، ونترك بيان ذلك للإمام؛ فقد عرضها بأبلغ عبارة وأدق ترتيب.
(٣) "ما قدمه يخرج عن الوفاء بالفرضية": أي يقع وفاءً بفرضٍ، كما يظهر من الجملة بعده.
(٤) القول ببطلان الصوم الذي سبق -إذا قطع التتابع- تبيناً، هو أحد القولين اللذين ذكرهما الإمام آنفاً في حكم هذا الصوم قبل القطع؛ هل ينقلب نفلاً أم يبطل تبيناً.
(٥) (ت ٢): يقيناً.