للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأمورات. ويشهد لهذا أن من نسي النية في رمضان وأصبح فيلزمه الإمساك على الرأي الأصح، وإن كان الإمساك في حكم التغليظ على من يترك صوماً مستحَقاً في رمضان، فألحقنا الناسي بالذي يتعمد إفطاراً من غير عذر.

٩٦٠٠ - ومن تمام القول في التتابع اختلافُ الأصحاب في أن نيّة التتابع هل تشترط أم لا؟ فمنهم من قال: لا تجب نية التتابع؛ فإنه هيئةُ (١) العبادة، ومن نوى العبادة، لم يلزمه التعرض لبيانها في نيتها.

ومن أصحابنا من أوجب نية التتابع، كما يوجب نية الجمع بين الصلوات، وهذا بعيد؛ فإن الأصل إقامة الصلوات في مواقيتها، ورخصة الجمع تخالف هذا الوضع، فاشترط الأكثرون من الأصحاب قصداً (٢) إلى ذلك.

ثم إن شرطنا نية التتابع، فهل يجب الإتيان بها كلَّ ليلة، أو يكفي الإتيان بها في الليلة الأولى؟ فعلى وجهين ذكرهما العراقيون. والمسألة محتملة إن صح اشتراط نية التتابع، والخلاف في ذلك عندنا يقرب من الخلاف في اشتراط نية التمتع من حيث إن النسكين مجموعان على وجه مخصوص.

٩٦٠١ - ثم قال: "وإذا صام بالأهلّة ... إلى آخره" (٣).

إذا ابتدأ الصوم في أول الهلال، صام شهرين بالأهلة، ووقع الاعتداد بما جاء به سواء نقص الشهران أو كملا، أو نقص أحدهما، وكمل الثاني.

وإن استفتح الصوم في أثناء شهرٍ، صام بقية ذلك الشهر، وصام الشهرَ الذي يليه بالهلال، ثم استكمل صومَ الشهر الأول ثلاثين يوماً، ولا فرق بين أن ينقص ذلك الشهر -أو يكمل- وقد ذكرنا هذا في مواضع (٤).


= "والأظهر ما يقطع به الأخذ، فإن النسيان لا يقام عذراً ... " هكذا (الأخذ) بكل وضوح. وهي في (ت ٢) ما (قطع) بدل (يقطع)، فهل هو تصحيف اتفقت عليه النسختان، أم هو سقط، أم هما معاً؟؟ الله أعلم.
(١) (ت ٢): فإن هذه العبادة.
(٢) قصداً: مفعول لقوله: اشترط الأصحاب.
(٣) ر. المختصر: ٤/ ١٣٤.
(٤) منها السَّلم وتعليق الطلاق.