للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعظم الأئمة قطعوا بإجزاء الإعتاق، وحكَوْا الوجهين فيه إذا كان ملتزمُ الكفارة عبداً، وكان الواجب عليه الصوم؛ تفريعاً على أنه لا يملك، فلو عَتَق وملك، فأراد أن يعتق، فهل يُجزئه العتقُ؟ فعلى وجهين: أحدهما - يُجزئه؛ فإن البدل إذا أجزاً، فالمبدل بالإجزاء أولى.

والثاني - لا يجزئه؛ فإنه التزم الصوم في وقتٍ لا يتأتى منه غيرُه، فكأنه لم يكن الصوم في حقه على حقائق الأبدال؛ فإذا تعين الصوم، فلا معدل عنه.

وذكر صاحب التقريب في الحرّ المعسر الوجهين، وهذا بعيد، والفرق أن العتق يتصوّر وقوعه من المعسر على الجملة، بخلاف العبد.

وإذا فرعنا على أن الاعتبار بحالة الأداء، فليس يخفى تفصيله: فمهما (١) أقدم على التكفير، اعتبرت صفةُ حالة الأداء.

ومن راعى الأشد، فمعناه أنه إن كان موسراً وقت الوجوب، فلا يجزئه إلا الإعتاق، ولو فقد يساره صَبَرَ إلى الوجدان، وإن كان مُعسراً حالة الوجوب ثم أيسر، فأراد الصومَ نظراً إلى حالة الوجوب، لم يكن له ذلك.

هذا بيان الأقوال.

٩٦٠٥ - وقد قال الأصحاب: لو شرع في صوم الشهرين ثم أيسر، وقلنا: الاعتبار بحالة الأداء، فلا يقطع صومَ الشهرين بعد الخوض فيه، وإنما يعتبر الأداء إذا أيسر قبل الخوض في الصوم، هذا ما وجدته للأصحاب رضي الله عنهم.

وما يدور في الخَلَدِ من المسألة أنا إذا اعتبرنا الأشدّ (٢) والأغلظَ، فتعتبر الطرفين في الشدة، فلو كان معسراً حالة الوجوب، وكان معسراً حالة الأداء أيضاًً، ولكن تخلل بينهما حالةُ يسار، فلم أر أحداً من الأصحاب يعتبر تلك الحالةَ المتوسطةَ، وقد يظن الناظرُ ذلك محتملاً، ولكن المذهب على خلافه.

والسبب فيه أن الوجوب على الحقيقة يضاف إلى وقت وجوب الكفارة، ثم وقت


(١) فمهما: بمعنى: فإذا.
(٢) (ت ٢): إذا اعتبرنا بلا شك بالأشد والأغلظ ...