للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال: " ولا أَجبُر الذمّيةَ على اللعان إلا أن ترغب في حُكْمنا ... إلى آخره " (١).

٩٦٥٠ - إذا قذف الرجل امرأته الذمية ولاعَن، عُرض اللعان عليها، فإن أبت نصّ الشافعي على أنها لا تجبر على اللعان، ولا تُحد، فإن رضيت بحكمنا، حكمنا عليها حينئذ. هذا هو النص.

واختلف أصحابنا على طريقين: فمنهم من قال: هذا يخرّج على القولين المذكورين في أن أهل الذمة هل يُجبرون على أحكامنا، وقد قدمنا هذا الأصلَ، وسيأتي استقصاؤه في أدب القضاء، إن شاء الله عز وجل.

فإن قلنا: إنهم مُجْبَرون، فالذمية مجبرة على اللعان، سخطت أم رضيت، حتى إذا امتنعت، قضينا عليها بما نقضي به على المسلمة الناكلة عن اللعان.

والثاني - أنها لا تجبر.

ومن أصحابنا من قطع (٢) القول بأنها لا تجبر على اللعان إلا أن ترضى بحكمنا، وهذا هو الذي صححه المحققون؛ لأنه لا يبقى بعد لعان الزوج إلا ما يتعلق بمحض حق الله تعالى، وحقوقُ الله تعالى مبناها على المسامحة، فلو حملناها على اللعان، لكان ذلك حملاً على أمرٍ مالُه -لو فرض النكولُ- إقامةُ حد الله تعالى، وكان هذا الطرف ليس متعلقاً بحق الزوج، وليس معدوداً من خصومة الزوج.

وألحق الأئمةُ بهذا أمراً بدعاً به تَبين القاعدةُ، فقالوا: إذا كان التلاعن بين مسلمين، فالتعن الزوج، لم يتوقف عرض اللعان عليها على طلبه، حتى لو رضي بأن لا يعرض اللعان عليها، لم نبال به، وقيل لها: قام عليك حجةٌ، فادرئيها، تسْلمي، وإن أبيتِ، أقمنا عليك حدَّ الله تعالى.


(١) ر. المختصر: ٤/ ١٤٥.
(٢) هذا هو الطريقة الثانية.