للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن لطيف المذهب في هذا أن الخصومة إذا دارت بين المسلم والذمّي، فقد اتفق الأصحاب على أن الذمِّي محمولٌ على حكم الإسلام.

وهاهنا تردُّد، والتردد الذي ذكرناه سببه انقطاع جانبها عن جانبه، فليلتعن الزوج، وليتركها.

نعم، إن قذف الذمّي زوجتَه الذمية، ففي إجبار الزوج على اللعان إذا طلبت من غير أن ترضى بحكمنا القولان المشهوران في أن أهل الذمة هل يُجبرون على أحكام الإسلام؛ فإن اللعان في جانبه ومطالبته بالتعزير يتعلق بحقوق الآدميين.

٩٦٥١ - ثم قال الشافعي رضي الله عنه: " لو كانت امرأة محدودة في زنا، فقذفها بذلك الزنا ... إلى آخره " (١).

وهذا هو الفصل الذي أدرجناه في أثناء الأصل الذي ذكرناه، وأتينا به مقرَّراً، فلا حاجة إلى إعادته.

٩٦٥٢ - ثم قال الشافعي رحمه الله: " وإن أنكر أن يكون قذفها ... إلى آخره " (٢). إذا ادّعت المرأة على زوجها أنه قذفها، نُظر: فإن سكت الزوج، ولم يُحِرْ جواباً، قام سكوته مقامَ الإنكار (٣) في سماع البينة عليه، فإذا أقامت شاهدين على أنه قذفها، فله أن يلتعن، فإنه لم يصرح بإنكار القذف، وإنما أقمنا سكوته مقام الإنكار في قبول البيّنة، وهو ليس بإنكارٍ على الحقيقة، والبينة تسمع لعدم الإقرار، لا لحقيقة الإنكار.

ولو قال الزوج لما ادّعت القذفَ: ما قذفتُك وما زنيتِ، فأقامت شاهدين على أنه قذفها ونسبها إلى الزنا، فليس للزوج أن يلتعن، فإنه قد أنكر القذف وبرّأها؛ إذ قال: ما زنيتِ، واللعان يستدعي قذفاً.

فإن أنشأ قذفاً، التعن، ثم لا يتوجه عليه الحد بالقذف الذي ثبت وأنكره؛ فإن


(١) ر. المختصر: ٤/ ١٤٦.
(٢) ر. السابق نفسه.
(٣) ت ٢: الإمكان.