للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللعان يُثبت الزنا [عليها] (١) ولا يتصور مع ذلك أن نطالبه بالحد.

ولو قال الزوج لما ادعت القذفَ: ما قذفتُك، فأقامت شاهدين أنه قذفها، فللزوج أن يلتعن، فإن قوله ما قذفتك يمكن حمله على أن الذي تقدم مني لم يكن قذفاً، وإنما كان قولاً حقّاً، فإذا ذكر الزوجُ هذا التأويلَ الذي ذكرناه، وأراد الالتعان من غير قذفٍ جديد، فله ذلك.

ولو قال: ما قذفتك، فلما قامت عليه البينة، لم يذكر التأويل الذي ذكرناه، ولم يجدد قذفاًً، فهل له أن يلاعن؟ فعلى وجهين: أحدهما - ليس له اللعان؛ لأنه يصير [بهذا] (٢) مكذباً نفسه، وقد أنكر أصل الرّمي، وعلى إنكاره قامت البينة، فكيف يقول: " إني لمن الصادقين فيما رميتها به "- وما كان رماها (٣ بزعمه.

والوجه الثاني - له أن يلاعن؛ لأنه وإن أنكر القذف ٣)، فقوله مردودٌ عليه بالبينة، فصار كأنه لم يكن.

وشبه هؤلاء هذه المسألة بما لو اشترى شيئاً، فظهر [أنه] (٤) مستحَق، وقامت الخصومة، فقال: المشتري للمستحِق في أثناء الخصومة: هذا الشيء كان ملك فلان، فاشتريته منه، فإذا قامت البينة على الاستحقاق، وانتُزِع الشيء من يده، فله أن يرجع بالثمن على البائع، وإن كان أقر له بالملك في أثناء الخصومة؛ لأن إقراره رُدّ عليه بالبينة، وأيضاًً، فإن قوله: " أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتُها " يتضمّن قذفاًً، وكأنه ابتداء قذفٍ ولعانٍ.

وهذا ضعيف؛ إذ لو جاز اعتماده، لجاز ابتداء كل زوج باللعان من غير تقديم قذف.

فهذا بيان الفصل.


(١) في الأصل: عليه.
(٢) في النسختين: بها. والمثبت من المحقق.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٤) زيادة اقتضاها السياق.