٩٦٥٣ - وفيما قدمنا مباحثة في شيء واحد، وهو أنا ذكرنا في أقسام المسألة أن الزوج لو قال: ما قذفتُها، وما زَنَتْ، فنفى القذفَ وبرّأها، فليس له أن يلتعن. هذا سديد لا نزاع فيه.
قال القاضي: إن أراد اللعان ابتدأ قذفاً جديداً، وهذا فيه نظر؛ من جهة أن قوله: ما زنت يتضمّن الإقرار ببراءتها من الزنا، فإذا قذفها إنشاءً، فَقَذْفُه المنشأ يناقض إقراره ببراءتها من الزنا، فكيف يثبت قذفُه، وهو مناقض لقوله الأول؟
والممكن في الانفصال عن ذلك أن يقال:" ما زنت فيما سبق، وقد زنت على قرب العهد ".
والذي يحقق هذا أن الرجل لو برّأ إنساناً عن الزنا، ثم قذفه، فهذا قذفٌ موجبٌ للحد.
فلو قال: هذا القذفُ غير منتظم منّي، فإني قدمت الإقرار بالبراءة، قيل له: قد آذيتَ بقذفك، وتعرّضتَ للعِرْض المصون عن القذف بالحدّ، فلا يراعى في القذف، والمقذوفُ يزعم أنه كذَبَ -على كل حال- إمكانُ الصّدق.
هذا هو الممكن في ذلك.
والإشكال بعدُ قائم؛ فإن التبرئة مطلقةٌ مسترسلةٌ على جميع الأزمان، والقذف بعدها مناقض لها، وقوله وإن كان قذفاً في حق المقذوف، فهو مؤاخذ في حق نفسه [بسابق](١) قوله.
والذي استقر الكلام عليه أنه إذا برّأ من الزنا، لم يصح القذف منه إلا أن يتخلل زمانٌ يمكن وقوع الزنا فيه، فينشىء قذفاً ويلاعن، ولكن لا يَسقُط الحدّ الأول، إلا على مذهب سقوط حصانتها بلعانه، كما سيأتي تفصيل ذلك.
وبالجملة ما ثبت من القذف بالبيّنة مع ما أنشأه بمثابة ما لو قذف أجنبيةً ثم نكحها وقذفها في النكاح، وسيأتي شرح هذه المسائل، إن شاء الله عز وجل.