فإن قال لامرأته: زنا بك فلان، فقد قذف شخصين بكلمة واحدة، وقد رأى أصحابنا أن يُجروا القولين في هذه الصورة مرتَّبَيْن على ما إذا قذف أجنبيين أو أجنبيتين، وزعموا أن قذف الزوجة بأجنبي أولى بالاتحاد؛ فإنه نسبهما إلى فعل واحد، فاقتضى ذلك في اتحاد الحدّ تأكيداً.
وقد يخطر لمن يتمسك بطرق الترجيح أن القذف في حق الأجنبي يخالف حكمُه حكمَ القذف في حق الزوج، فيعادل هذا الاختلافُ ما أشرنا إليه من اتحاد الفَعْلة، ويقتضي هذا التعادل الاستواء في المرتبة، فيقال له: اللعان كما يدفع حدّ الزوجة يدفع حدّ الأجنبي، فلا اختلاف إذاً من هذا الوجه، والأمر في ذلك قريب، بعد جريان الخلاف واطراد القولين.
نعم، لو قال [لرجل](١) وامرأة أجنبيين: زنيتَ أنت بهذه، فاتحاد الحد في هذه الصورة مرتب على ما إذا قال لأجنبيين: زنيتما؛ لما ذكرناه من اتحاد الفعل.
هذا إذا امتنع الرجل عن اللعان.
٩٦٧٩ - فلو أكمل اللعان، وامتنعت المرأة من اللعان، فنقول: يلزمها الحدُّ إذا تحقق امتناعها، فإن كانت بكراً، جُلدتْ وغُرّبت، وإن كانت ثيّباً، رُجمت.
وإذا كان حدّها بالسياط، فلا نحدُّها في شدة الحر والبرد، وهذا مطرد في كل حد هو جلدٌ، على ما سيأتي في الحدود، إن شاء الله.
وإن كانت محصنة تَوَجَّه الرجمُ، ثم المنصوص عليه: أنا لا نؤخر إقامة الرجم عليها عن شدة الحر والبرد، ونص الشافعي على أن من أقر بالزنا، وكان محصناً قال: لا نرجمه في شدة الحر والبرد، بل يؤخر.
وقال المرتِّبون: إن ثبت الزنا بالبيّنة العادلة، فلا توقّف؛ فإن الرجم قتلٌ، ولا محاذرة من الهلاك، ولا نبني الأمر على إمكان رجوع العدول عن شهاداتهم في أخطر الأمور، ومن ظن بهم هذا، فقد حطّهم عن رتبة العدالة، ولا ينتظم في وضع الشرع بناء الأمر الثابت بشهادة الشهود على خروجهم عن كونهم شهوداً.